يشهد مجال التكنولوجيا المالية ديناميكية مستمرة، حيث يمضي قدما بدفع من الابتكار والتطور المتواصلين. ومع حلول عام 2024، تبرز ثلاثة اتجاهات رئيسية من شأنها إعادة رسم خريطة هذا القطاع الحيوي، لتتيح آفاقاً واعدةً لكل من المستهلكين والشركات على حد سواء.
- برامج الولاء والاسترداد النقدي:
يحقق قطاع برامج الولاء والاسترداد النقدي نمواً ملحوظاً، مسجلاً معدل نمو سنوي مركب كبير بلغ 11.8% بين عامي 2019 و2023، مما يدل على تزايد أهميته. ومن المتوقع استمرار هذا الزخم، إذ تشير التوقعات إلى معدل نمو سنوي مركب بنسبة 9.2% خلال الفترة الممتدة من عام 2024 إلى عام 2028. يلبي هذا النوع من البرامج تطلعات المستهلكين الباحثين عن القيمة والمزايا المجزية في مشاركاتهم المالية، حيث يعزز ولاء العلامة التجارية ويقدم فوائد ملموسة للمستخدمين، مثل تعزيز القدرة الشرائية وتحسين تجربة العملاء.
في السابق، كانت برامج الولاء تعتمد عادة على نظام مكافآت عام يقدم العروض نفسها للجميع. إلا أن المشهد تغير اليوم بفضل قوة التحليلات القائمة على البيانات. فمن خلال تحليل بيانات المعاملات، تكتسب الشركات رؤى قيمة حول سلوكيات العملاء، مما يمكّنها من تصميم برامج مكافآت مستهدفة وذات صلة تلبي تطلعات كل شريحة من العملاء على حدا.
- الاستفادة من التحليلات والذكاء الاصطناعي:
بالتزامن مع التقدم التكنولوجي المتسارع الذي يشهده مجتمعنا، تتكيف الشركات لتتماشى مع هذا التطور. في هذا الإطار، تلعب منصات التكنولوجيا المالية التي تقدم حلول ولاء العملاء واحتفاظهم دوراً محورياً. إذ تساعد هذه المنصات، من خلال دمج الذكاء الاصطناعي (AI) وتحليل البيانات، الشركات على تحسين كفاءتها التشغيلية عبر الاستفادة من البيانات ذات الصلة التي تُتيح لها وضع خطط استراتيجية فعالة. علاوة على ذلك، يوفر الذكاء الاصطناعي دعماً سريعاً للمستخدمين، ويضمن وصولاً ثابتاً إلى المعلومات المهمة، مما يسمح للشركات بتقديم خدمات فعالة تساهم في تعزيز ولاء العملاء.
يبرز دمج برامج الولاء القائمة على البيانات كإتجاه مهيمن في عالم الأعمال. وتستفيد الشركات بشكل متزايد من تحليلات البيانات المتطورة لتقديم تجارب مكافآت شخصية تتوافق مع تفضيلات العملاء الفريدة. ويعكس هذا الاتجاه تحولاً نحو تعزيز مشاركة العملاء من خلال تقديم برامج مكافآت استراتيجية، والاستفادة من التحليلات لاستباق سلوكيات وتفضيلات العملاء المحتملين. ومع إدراك الشركات لقيمة تعزيز الشعور بالخصوصية والاتصال الشخصي، يزداد الإقبال على اعتماد مبادرات الولاء القائمة على البيانات، الأمر الذي يجعلها استراتيجية رئيسية لتحقيق رضا العملاء وولائهم على المدى الطويل.
- الاحتفاظ بالعملاء مقابل اكتسابهم:
إلى جانب ديناميكية الابتكار والتطور المستمر التي تميز مجال التكنولوجيا المالية، يبرز اتجاه آخر على الساحة وهو إعادة تقييم العلاقة بين استقطاب العملاء الجدد والاحتفاظ بالعملاء الحاليين. في حين لا يزال جذب عملاء جدد يحظى باهتمام، إلا أن الشركات أصبحت تدرك الآن الفوارق الهائلة في التكلفة بين الحفاظ على قاعدة عملائها الحالية والسعي لاكتساب عملاء جدد.
حيث تلعب عوامل عدة دوراً محورياً في هذا التوازن، بما في ذلك قوة الولاء للعلامة التجارية ونفقات التسويق الموجهة لعمليات الاستقطاب مقابل الاحتفاظ، بالإضافة إلى تخصيص الموارد. يتمتع العملاء المخلصون بميزات عديدة، فهم أكثر استعداداً للاستجابة بشكل إيجابي لعروض البيع المتبادل أو البيع الإضافي للمنتجات، حيث ينفقون ما نسبته 31% أكثر من العملاء الجدد وذلك بفضل ثقتهم بالعلامة التجارية وولائهم لها. كما أن العملاء الحاليين أكثر ميلاً بنسبة 50% لاستكشاف منتجات جديدة للشركة، وهو ما يوفر فرصاً أكبر لتعزيز المبيعات.
علاوة على ذلك، تجدر الإشارة إلى أن تحقيق الربحية من العميل الجديد يستغرق وقتاً أطول بكثير بالمقارنة مع العميل الحالي. تشير الدراسات إلى أن اكتساب عميل جديد يكلف ما بين 5 إلى 7 أضعاف تكلفة الاحتفاظ بالعميل الحالي.
وعليه، تتجه الشركات بشكل متزايد نحو تعزيز استراتيجيات احتفاظ العملاء والتي تؤدي في نهاية المطاف إلى ولائهم. ولتحقيق ذلك، تتعاون الشركات مع منصات التكنولوجيا المالية التي تقدم حلولاً متخصصة في مجال ولاء العملاء وبرامج الاحتفاظ بهم.
بقلم أوداي راثود، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة توتل.