يولد الطفل وتبدأ بعد ساعات لأيام درة حليب الأم. وهي ظاهرة تدعو للتأمل بمدى كمالية وعظمة الخالق. فحليب الأم يحوي كل العناصر الغذائية التي يحتاجها الطفل حتى عمر 6 أشهر. كما يحوي أضداداً هامة للغاية لحماية طفلك من الإصابة بالأمراض المعدية والحمى. حيث يكون جهاز المناعة ضعيفاً وغير ناضج لدى حديثي الولادة مما يعرضهم للإصابة بالعدوى بشكل أكبر. هذا مايعزز أهمية حليب الأم بشكل أكبر. فبهذه الفترة يكون طفلك بالغنى حتى عن شرب الماء!
حليب الأم هو الخيار المثالي للرضع. لكن ماذا إن لم يكن من الممكن الحصول عليه ؟
أحيانا لا تكون الأم قادرة على إرضاع طفلها لعدة أسباب منها الخلل الهرموني أو عدم النمو الكافي لغدة الثدي اثناء الحمل. بهذه الحالة قد تلجأ بعض الأمهات لإعطاء الحليب البقري للأطفال ظناً منهم أنه الحل الثاني الأفضل للرضع! ولكن, على الرغم أن الحليب البقري يعد مصدراً غنياً بالعناصر الغذائية والفيتامينات إلا انه غير مناسب للرضع تحت عمر السنة.
متى يجب إعطاء حليب البقر للرضع؟
يمكن البدء في تقديم حليب البقر تدريجياً، بعد إتمام الطفل لعامه الأول وحتى عمر 3 سنوات. ويفضل أن يتم ذلك تحت إشراف طبي. وذلك لمراقبة تطورات الطفل واستجابته على الحليب البقري. وبحال ظهر عليه أعراض التحسس من إقياء وألم وانتفاخ المعدة. في هذه المرحلة العمرية يوصى باستخدام الحليب البقري كامل الدسم لتوفير الدهون اللازمة لضمان نمو وتطور الجهاز العصبي. بالإضافة الى تزويد الرضيع بغذاء متنوع يحوي جميع العناصر الغذائية التي يحتاجها الطفل. حيث يفضل دمج حليب البقر مع حليب الام أو الحليب الصناعي أو تمديد الحليب البقري ببعض الماء المغلي كي يعتاد الطفل مذاقه ولايشعر بثقله على المعدة.
ماذا يحدث إذا اعطينا طفلاً بعمر سنة أو أصغر حليب البقر؟
على جهاز الهضم:
في أول 6 أشهر من حياة الطفل, يكون الجهاز الهضمي غير قادر على التعامل مع نسبة البروتين العالية في الحليب البقري مما قد يسبب ردة فعل تحسسية أو التهابية في الأمعاء تؤدي في النهاية إلى نزوف مجهرية ونزف معوي يتجلى واضحاً في البراز. كما قد يعرض الطفل للإمساك بحال التحسس على اللاكتوز. بالإضافة لإمكانية الإصابة بفقر الدم بعوز الحديد بسبب أن الحليب البقري قد يؤثر سلباً على قدرة امتصاص الحديد.
على الكلى:
إن تركيبة الحليب البقري تجعله يشكل عبئاً على الكلى. إذ إنه يحوي العديد من الفيتامينات والمعادن والشوارد مثل الصوديوم والبوتاسيوم والفوسفور. بالإضافة لاحتوائه نسباً عالية من البروتين. وكما نعلم فإن الكلية تعمل على تصفية الدم وإزالة السموم منه. فعندما يتناول الرضيع حليبًا ذو مستويات عالية من البروتينات والمعادن، فإن ذلك يصنع ضغطًا إضافيًا على الكلى، التي لا تكون مكتملة النضوج بعد. مما يسبب ضعف وظيفة الكلى على المدى الطويل.
فقر الدم بعوز الحديد:
يعد الحديد عنصراً مهماً جداً لنمو وتطور الجهاز العصبي و صحة الدم. إلا أن حليب البقر لايحوي إلا كميات ضئيلة من الحديد. وقد أظهرت دراسات عدة أن محتوى الحليب العالي من الكالسيوم والفوسفور والبروتين يتداخل مع امتصاص الحديد على وجه الخصوص. إذ لوحظ وجود تنافس بين الكالسيوم والحديد على مواقع الامتصاص في الأمعاء. بالإضافة لأن وجود كميات كبيرة من البروتين وتفاعلها مع الأمعاء يسبب حالة من الالتهاب والتهيج التي تقلل بدورها من امتصاص الحديد.
التحسس تجاه حليب البقر :
يعاني بعض الأطفال من حساسية تجاه بعض مكونات حليب البقر مثل البروتينات و السكريات و اللاكتوز على وجه الخصوص. هذه الحساسية قد تؤدي إلى ظهور أعراض مثل الشرى ، القيء، الإسهال، انتفاخ البطن أو التورم في الوجه والشفتين. في حال تقديم حليب البقر في وقت مبكر، قد يزداد احتمال حدوث هذه التفاعلات التحسسية.
نقص نمو الطفل:
عند استبدال حليب الأم أو الحليب الصناعي بحليب البقر في الأشهر الأولى، فإن غذاء الطفل يصبح فقيراً بأحد أهم العناصر الضرورية لنمو الطفل مثل فيتامين D وفيتامين C. مما يؤثر بشكل سلبي على النمو العظمي للطفل ونمو الأسنان بالإضافة لضعف امتصاص الحديد وضعف الجهاز المناعي بسبب قلة الفيتامين C.
الخلاصة:
إن تغذية الأطفال خصوصاً حديثي الولادة لها أهمية كبيرة لما لهم ولأجسادهم الصغيرة من خصوصية. فيبقى دوماً حليب الأم هو الخيار الأفضل والأول عند تغذية الرضع. وبحال عدم توافره فإننا نبتعد تماما عن الحليب البقري بأول سنة من حياة أطفالنا و نبحث عن مصادر بديلة كالحليب الصناعي الحاوي على بدائل بكميات مناسبة من الفيتامينات والمعادن اللازمة لنمو الطفل.