
كل أداء صوتي ناجح بيبدأ من نصٍ مكتوب.. لكنَّ النص وحده لا يكفي. رحلة النص من مجرد كلمات مكتوبة على الورق إلى أن تتحوَّل إلى صوتٍ حيّ هي رحلةٌ مليئةٌ بالتفاصيل، كل تفصيلةٍ فيها تُحدث فرقًا في النتيجة النهائية. هيا بنا لنعيش هذه الرحلة خُطوةٌ بخُطوة:

عندما يصل النص أمامك وبين يديك، يجب ألا تعتبره مجرد كلمات، ولكن رسالة لها روح. اقرؤه بهدوءٍ بدون تسجيل، جرِّب أن تحس بمعناه، وتخيَّل الشخص الذي يُخاطبه هذا النص.

هذه الخُطوة أشبه بالتعارُف الأول. اقرأ النص بصوتٍ منخفضٍ أو في سرك، وحدِّد الكلمات المفتاحية والتي بدونها المعنى الأساسي المُراد من النص يختل. وهنا… تبدأ في التفكير: “أين يجب عليّ أن أرفع صوتي؟ أين يجب أن أُبطئ بعض الشيء؟ أين أحتاج إلى وقفة صمت قصيرة

المحترفين غالبًا ما يقومون بعمل تخطيط وعلامات على النص:
* خط تحت الكلمة المهمة.
* دائرة عند الوقفات.
* سهم لأعلى عند الارتفاع بالنبرة.
ومن يقوم بعمل ذلك، يكون قد تمكَّن من تحويل النص من مجرد جُمل جامدة إلى خريطة أداء.

قبل ما تقوم بتشغيل الميكروفون، جرِّب أداء النص كأنَّك تقوم بإلقائه على صديق. لو شعرت بأن النص “ثقيل” أو تنقُصه السلاسة والانسيابية، أعِد قراءته بصوتٍ مختلفٍ إلى أن تشعُر أن كلمات النص تخرج من فمك بكل سلاسة وانسيابية وطبيعية.
وهنا.. عندما تصل إلى هذه المرحلة من الانسيبابية، قُم بتشغيل الميكروفون، وابدأ تسجيلك بكل ثقة.

الميكروفون ليس خصمك، بل هو صديقك. ابتسم، تنفَّس بشكل صحيح أمامه، وكُن مُستحضرًا لمعانِ كلمات نصك والشعور الذي يليق بكل كلمة. فكل كلمة يجب أن تخرج بإحساسٍ صادق.

اسمع نفسك كأنَّك مُستمع عادي. اسأل نفسك: “هل الرسالة وصلت لي كمُستمع؟ هل يوجد بعض اللبس في المعنى الذي كان يجب أن يصلني؟” التقييم الذاتي هام جدًا، وأيضًا مشاركة التسجيل مع شخص تثق به وبرأيه الحيادي البنَّاء تُعطي لك رأيًا آخر من منظورٍ جديد. فلا تكتفي برأيٍ واحدٍ منهما..

رحلة النص من الورق إلى الميكروفون هي رحلة فنٍ ورسالة. كل خُطوة بها فرصة لكي تُضيف لمستك الخاصة وتُحوِّل الكلمات الجامدة إلى صوتٍ حيّ يترك أثر.. فاترك الأثر الذي يليق بك، فما تتركه اليوم.. يكُن لك تاريخ غدًا..