مرت أيام شبابي الاولى وحيدة أصارع المواد الهندسية أفك طلاسمها – تارة مادة عجيبة غريبة يريدون فيها تخيل أطوال و مساحات تتساقط من الفراغ و يطلبون منا توقيع مكانها الصحيح – و لم أكن في فهما سوى مثل طه حسين حينما طلب منه دراسة الفرنسية و لكن لم يكن لدى سوزان لشرح ما استعصى منها – فكم حاول المحيطون بي تسهيلها و لكن رب العالمين لم يأذن لي بفهمها حتى الأن – و عودة لزهرة شبابي التي ضاعت بين جنبات الموائع ((fluid و الخرسانات و الري و غيرها – فقد رحم بي القدير و خرجت من كلية الهندسة بأقل الخسائر – فلم تؤثر في زهرة شبابي كثيرا فقد تدخلت العناية الإلهية مرة أخرى و استلمت مهامي الوظيفية كا باش مهندسة قبل كثير من أوائل دفعتي و التي تهتز مدرجات كلية هندسة عند ذكر أسمائهم .. و هكذا الدنيا لا تجفل عنك و لا تمنحك سوي بحساب..
تخرجت و عملت و تزوجت و أنجبت و كل ذلك حدث في عشرين عاما و مازالت زهرة شبابى تصمد – محبة للحياة أحيانا و أحيانا أخرى تتقمصنى عجوز شمطاء تنكد عليا و على من حولى عيشتهم و تظل دوما تذكرنى لقد أنقضت أيام الصبا – و سوف تكملى نصف قرن من عمرك قريبا – فتأقلمى على ذلك و لا تتمردى – فلم يعد الباقى كالذى إنقضى…
و لكنى دوما أيقن إنما أيامنا من صنيع يدينا و نتاج أفكارانا – لا تسير على و تيرة واحدة و إنما هى الحياة – فرح و حزن نشاط و كسل – صبر و عجلة من أمرنا… ذهاب و إياب فقد و تقارب – ناس نتعرف عليهم و يشكلون أيامانا و ناس نفارقهم بطوعنا أو خارج عن إرادتنا..
لذا فدوما شعارى – العمر هو رقم فى الأوراق الرسمية – و مازالت زهرة شبابي هى المسيطرة عليا تماما بكامل رضايا – بل و محاولة مني لنشر هذا المنهج النفسي لكل من أعرفهم و تحيط بهم شفقة قلبى فدوما أدعو لعيش الحياة بالجودة التى تليق بنا غير عابئين بتلك السنوات التى نضعها فى تعريف شخصياتنا – فنحن من نتحدث و نفرح و نحزن وهكذا هى ايامانا نقيسها بما تشكل فى وجداننا وحفر فى ذاكرتنا …
لذا فقد قررت أن أطرح الأمل فيمن ظن أنه بلغ من العمر عتيا فى أوائل الاربعينات و أعاد نشر الأية الكريمة (بسم الله الرحمن الرحيم ..حتى إذا بلغ أشده و بلغ أربعين سنة قال رب أوزعنى ان أشكر نعمتك التى انعمت على و على والدى و ان أعمل صالحا ترضاهو أصلح لى فى ذريتى إنى تبت إليك و إنى من المسلمين ).. صبرا صديقى . هناك الخمسين و الستين و العمر الذى يتجرد من الارقام و يبقى منه حلو أيامنا..
ولعل الأت دائما أجمل بإذن الله .
#حتى_الخمسين