منذ سنوات، خلال دراستي لبرنامج الماجستير في إدارة الأعمال في الولايات المتحدة، سمعت قصة بدت لي حينها غريبة:
الخطوط الجوية الأمريكية (American Airlines) وفّرت 40,000 دولار سنويًا بمجرد إزالة زيتونة واحدة من سلطات الدرجة الأولى.
في البداية، اعتقدت أنها إحدى “الخرافات المؤسسية” المنتشرة، لكنها لم تكن كذلك. كانت تذكرة بأن القرارات الصغيرة، حين تكون مدعومة بالبيانات، يمكن أن تقود إلى نتائج كبيرة.
لم أُدرك تمامًا مدى أهميتها حينها. أما اليوم، وأنا أقود مجموعة حاوي (7awi) الإعلامية، فأفهمها جيدًا.
في مجال الإعلام، “الزيتون” لدينا ليست مجرد زينة على الطبق – بل هي عبارة عن مقالات لا يقرؤها أحد، وفيديوهات لا يشاهدها الجمهور، ومنشورات على وسائل التواصل لا تحقق التفاعل المطلوب، وعمليات داخلية تُبطئنا من دون أن تضيف أي قيمة حقيقية.
في 7awi، بنينا شيئًا بسيطًا لكن فعّالًا:
لوحات بيانات (Dashboard). مراجعات أسبوعية، شهرية، وربع سنوية. وأجري جلسة فردية مع كل موظف مرة كل ثلاثة أشهر.
كل يوم أربعاء، نجتمع أنا وفريق القيادة – لا لنقوم بعصف ذهني، بل لنستمع. نستمع إلى ما تقوله البيانات.
وفي بقية الأيام، نجتمع وقوفًا في ممرات مكاتبنا. لكل فرد فرصة لعرض جدول أعماله، عملائه، الاجتماعات القادمة، المساعدة التي يحتاجها، والفرص المتاحة. دائمًا ما نتعلّم شيئًا جديدًا.
وفي كل شهر، نعقد اجتماعًا افتراضيًا عامًا “All-Hands”، أقدّم فيه ملخصًا لما يجري في الشركة، وأختتمه دائمًا بمقطع فيديو قصير عن آخر الترندات في مجال الإعلام والتكنولوجيا.
وبالطبع، كل ربع سنة (يوم الأحد)، نقيم مراجعتنا الربعية QBRs. إنها ماراثون يبدأ في الساعة 7:30 صباحًا (بتوقيت عمّان والقاهرة) ويستمر حتى الساعة 5 مساءً. يقدم رؤساء الأقسام تحدياتهم وخططهم للربع القادم. غالبًا ما نتعمق في التفاصيل الصغيرة، لكن هذا هو عملنا. ومثل أي شركة، نحن بحاجة من وقت لآخر لتذكير أنفسنا بما لم ننجزه.
ما الذي يعمل؟ ما الذي لا يعمل؟ أين نهدر وقتنا؟ ما هو ذلك الشيء الصغير الذي، إن أزلناه، يمكن أن يوفر الموارد أو يفتح أبوابًا جديدة للنمو؟
لوحات البيانات لدينا ليست مجرد تقارير – إنها محادثة. وهي ما يدفعنا للتحرك.
ومع مرور الوقت، تعلّمت أن القيادة لا تكون دائمًا عن اتخاذ قرارات جذرية وكبيرة. بل عن الانتباه للتفاصيل الصغيرة. أوجه القصور الخفية. الفرص التي نغفلها. والتصرف باستمرار. هذا بالضبط ما نقوم به في 7awi.
كل أسبوع، نجد الزيتونة الخاصة بنا. ونزيلها.
بياناتك تتحدث. هل تستمع إليها؟
ملاحظة: الأمر ليس حقًا عن الزيتون. فأنا حقاً أحب الزيتون!