يمر الوقت سريعًا لا تستطيع إيقافه أو اللحاق به، وبينما كان أصحاب أجيال ما قبل التسعينيات يجلسون وتمر التطورات التكنولوجية من أمامهم كل حين، وجد أصحاب جيل التسعينيات أنفسهم يركبون قطار السرعة ويمرون به على كل ما هو جديد، حتى أنهم لا يستطيعون إدراك كم من تغير طرأ وكم من آخر فاتهم.
ظن الجميع إنها صحوة الشباب وأنهم ملكوا الدنيا بيمينهم ولكنهم لم يفطنوا إلى حكمة الوقت الذي مر وترك أصغرهم عند عتبات الخامسة والعشرين من العمر، وعلى الرغم من أن أعمارهم لا زالت صغيرة إلا أنها عجوز تسير بعكازيها إلى جانب ما يحدث حولهم من تطورات وتريندات.
لماذا نحن هنا!!
انقسم الجميع إلى عدة أقسام فبعضهم لا يعرف لماذا يقف هنا بين الصغار مطالبًا بالتصرف كالكبار، فهو لم يتعلم كل طرق التصوير الحديثة للـ Reels ولا يدري كيف يلحق بركب التيك توك، وهو ما اضطرهم إلى رفع الراية البيضاء والاستسلام لدوامة الحياة بعيدًا عن صراع التكنولوجيا.
أما المتمسكون بأذيال التكنولوجيا فمثلوا قسمين آخرين:
قرر البعض منهم أن يغوص في هذا العالم الجديد حتى ولو على حساب وقته الثمين أو العمل أو العائلة مشيرًا إلى أنه لازال صغيرًا وعليه أن يفعل ما يحلو له، وبالطبع نجح الكثير منهم في اختراق صفوف الصغار من المراهقين والحصول على مكانة متميزة على عرش التريندات، خاصة عندما شجعهم الذين من نفس عمرهم ورأوا من خلالهم شبابهم الضائع يتجدد.
أما النصيب الأخير فكان لهؤلاء الذين لا يريدون سوى النجاة، لكنهم لم يفعلوا مثلما فعل الأولين، واختاروا أن يتعرفوا على هذا العالم، ليس للفوز به ولكن لحماية أطفالهم من القادم، فعلى عتبات مواقع التواصل الاجتماعي لا فرق بين صغير وكبير، ولن يغفر أحد زلات صغارك أو تهورهم في بعض الأحيان.
أنت وحدك من تراهم صغار لكن هناك في هذا المجتمع المنفتح الجميع مسؤول عن نفسه سينتقدون هؤلاء الصغار ويوجهون إليهم أفظع التهم، وسيطاردونهم في الرسائل وعبر التعليقات وحتى من خلال مقاطع الفيديو التي تظهر لهم، فهم سلعة في بعض الأحيان ومستهلك في البعض الآخر.
وقبل أن يتساءل أحدهم وأين الأهل ولماذا لا يمنعون أطفالهم عن تلك المنصات، فدعوني أذكركم أن حتى من وصل إلى الثامنة عشر من العمر لا زال مراهقًا لا يجيد الحكم على الأشياء بنسبة 100%، ومن منا يمكنه أن يفعل؟
لم يختر جيل التسعينيات الأذيال ليتمسك بها ولكنها كانت آخر ما تُرك له، فسرعة القطار الذي يمر تزداد يومًا بعد يوم، بينما تخور قواه في المقابل.
الإنكار لا يفيد
لا يستطيع أحد أن ينكر أن كل التقدم الذي حدث للعالم من حولنا أفادنا وأفاد أولادنا، فمن خلاله أصبحت ساحات المعرفة مفتوحة على مصرعيها للجميع إلى جانب سبل التواصل المتعددة التي جعلت البعيد أقرب من القريب، والحقيقة التي لا يمكن تفاديها هي أننا جميعًا نعلم أن تلك الوسائل المطروحة أمامنا هي أسلحة ذات حدين.
وإن كنا نعلم كل ما سبق فستكون مهمتنا الأولى أن يعلم أبناءنا ذلك من خلالنا، فإجادة السباحة لن تشفع لك لدى البحريات المفترسة.
كيف يتعامل الآباء مع الأبناء عند استخدام مواقع التواصل الاجتماعي
في البداية يجب أن تكون ذو تواصل مفتوح مع أبنائك وتدعمهم لاستخدام تلك المواقع للتعلم والترفيه مع الابتعاد عن الأشياء الضارة المعروضة.
تبادل الثقة أمر هام فيجب أن يثق المراهق في أن والديه لن يثوران في وجهه إذا شاهد شيء خاطئ أو تعامل مع الغرباء بل سيساعدونه على تخطي الأمر حتى يلجأ إليهم عند بداية أي مشكلة لا بعد أن تتحول إلى كارثة.
استمع إلى رأي الأبناء فيما يدور من تريندات دون أن تهاجم هذا الرأي بل ناقشهم واترك لهم حرية الاختيار، وستجدهم يسيرون على الدرب الذي تتمناه، طالما عملت على زراعة القيم الطيبة في عقولهم.
ولكن أيضًا لا تترك الأمر دون ضوابط مثل عدد ساعات استخدام تلك المواقع، وما مسموح بح وغير المسموح مثل التحدث مع الغرباء أو إضافتهم.
اكشف كافة الأوراق الخطرة أمام أبناءك طالما تعدوا الثانية عشر من العمر وعرفهم على ما ينتظرهم من مساوئ، ثم دربهم على كيفية مواجهة ذلك مثل التنمر الإلكتروني ومحاولات الاستدراج أو الابتزاز الإلكتروني.
وإذا أردت أن تمنحهم سلاحًا يدافعون به عن أنفسهم علمهم كيفية التفكير النقدي، وألا يتلقوا كل ما يعرض أمامهم دون التفكير فيه وانتقاده وتحليله حتى تصل بهم إلى بر الأمان.