يندرج النزف بين الطموث تحت ما يسمى النزيف الاختراقي الذي يشير إلى النزف أو التبقيع الذي يحدث بين الطموث أو خلال فترة الحمل. يكون الدم عادةً أحمر فاتح أو بني محمر غامق يشبه الدم في بداية الدورة الشهرية أو نهايتها. يحدث النزيف الاختراقي في معظم الحالات لدى النساء اللاتي يستخدمن حبوب منع الحمل أو اللولب الرحمي. ومع ذلك، تسبب العديد من الأمراض نزيف مهبلي شاذ، ولهذا يجب استشارة الطبيب للتأكد من سلامة الحالة. سنذكر في هذه المقالة بعض الأسباب الشائعة للنزيف الاختراقي بالإضافة لبعض النصائح وعلامات الخطر.
متى يحدث النزيف الاختراقي؟
تبلغ مدة الدورة الشهرية النموذجية 28 يوم. قد تكون بعض الدورات قصيرة بطول 21 يوم أو طويلة تمتد 35 يوم أو أكثر.
بشكل عام، يبدأ اليوم الأول مع بداية الطمث الذي يستمر خمسة أيام وسطيًا. بعد ذلك، تستعد الهرمونات في جسمك لإنتاج البويضة في اليوم الرابع عشر من دورتك.
يؤدي حدوث جماع في هذه الفترة من الشهر إلى تخصيب البويضة والحمل. وإن لم يحدث ذلك، فسوف تتكيف هرموناتك مرة أخرى لتتخلص من بطانة الرحم ويبدأ جسدك دورة جديدة. تفقد النساء عمومًا نحو 2 إلى 3 ملاعق كبيرة من الدم خلال الدورة الطبيعية، وقد تكون أطول وأغزر عند المراهقات والنساء اللواتي يقتربن من سن اليأس.
يحدث النزيف الاختراقي خارج فترة الطمث الطبيعية. قد يكون النزف واضح يحتاج إلى فوطة صحية أو سدادة قطنية كاملة وقد يكون عبارة عن تبقيع لا أكثر.
ما الأسباب الشائعة للنزيف الاختراقي؟
يحدث النزيف بين الطموث نتيجة العديد من الأسباب المختلفة، وسنذكر هنا الأسباب الشائعة الحميدة والخبيثة:
1. وسائل منع الحمل:
يحدث النزيف الاختراقي نتيجة تناول حبوب منع الحمل الهرمونية الحديث أو تغيير نوعها أو استخدام بعض وسائل منع الحمل الأخرى -كاللولب الرحمي. يشيع حدوث نزف الاختراق في الأشهر الأولى من تناول حبوب منع الحمل، وخاصةً عند استخدام الأنواع المديدة التي تسبب حدوث الدورة مرة كل ثلاثة أشهر مثلًا. كذلك، يشيع حدوث هذا النوع من النزف لدى النساء اللاتي يتناولن حبوب منع الحمل غير المديدة بشكل متواصل لتأخير دورتهم الشهرية. يساهم عدم التزامك بتناول حبة منع الحمل في الوقت المحدد أو نسيانك لها بزيادة احتمال معاناتك من النزيف.
يؤدي استخدام اللولب الرحمي أيضًا إلى حدوث النزيف الاختراقي سواء كان بآلية هرمونية أو تخريشية. يجب إخبار الطبيب في حال حدث نزيف غزير بعد وضع اللولب أو في حال ملاحظة نزف أو تبقيع بعد الجماع.
قد يكون النزيف الاختراقي أمرًا طبيعيًا ويختفي من تلقاء نفسه بمرور الوقت، ولكن يجب الاتصال بالطبيب إن كنت تعانين من ألم بطني أو ألم صدري أو نزيف شديد أو تشوش في الرؤية أو ألم شديد في الساق.
2. الالتهابات والأمراض المنتقلة بالجنس:
قد تسبب العدوى المنقولة جنسيًا -كالكلاميديا والسيلان مثلًا- نزيف اختراقي في بعض الأحيان. تنتقل هذه الأمراض من شريك إلى آخر عن طريق ممارسة الجنس غير الآمن -دون استخدام الواقي الذكري مثلًا.
قد ينجم النزيف الاختراقي عن حالات التهابية أخرى كالتهاب عنق الرحم أو التهاب بطانة الرحم أو التهاب المهبل أو مرض التهاب الحوض.
قد يترافق النزيف الاختراقي في هذه الحالات بألم في الحوض أو بول عكر أو إفرازات مهبلية غير طبيعية أو رائحة كريهة. تعالج هذه الحالات بالمضادات الحيوية، لذا استشيري طبيبكِ إذا كنتِ تعانين من الأعراض السابقة. قد يؤدي الإنتان إلى العقم ومشاكل صحية خطيرة أخرى إذا بقي دون علاج.
3. عنق رحم حساس:
يقع عنق الرحم في قاعدة الرحم، وقد يسبب تخريشه بآلية التهابية أو رضية خروج إفرازات دموية. يسبب أي نزيف غير متوقع القلق، خاصةً إذا حدث أثناء الحمل. مع ذلك، يصبح عنق الرحم أثناء الحمل لينًا، وقد ينزف بعد الفحص المهبلي أو بعد ممارسة الجنس. كذلك، قد ينجم النزيف عن قصور عنق الرحم؛ وهي حالة ينفتح فيها عنق الرحم قبل موعد ولادتك بكثير.
4. ورم دموي تحت المشيمة أثناء الحمل:
قد يشير النزيف أو التبقيع أثناء الحمل إلى احتمال وجود مشكلة. قد يحدث النزيف أثناء الحمل بسبب وجود ورم دموي أو نزيف تحت المشيمة.
في هذه الحالة، تنفصل الأغشية المشيمية عن الكيس بين المشيمة والرحم، وهذا يسبب جلطات ونزيف. قد تكون الأورام الدموية كبيرة أو صغيرة، ونتيجةً لذلك، قد تسبب نزيف شديد أو قليل.
يجب زيارة الطبيب في هذه الحالة، وخلال ذلك سيقوم بإجراء فحص بالموجات فوق الصوتية لمعرفة حجم الورم الدموي وتقديم المشورة حول الخطوات التالية التي تختلف بحسب حالتك وبحسب حجم الورم.
5. إجهاض أو حمل هاجر:
تلد معظم النساء اللواتي يعانين من النزيف أثناء الحمل أطفالًا أصحاء. ومع ذلك، قد يكون النزيف أثناء الحمل أحيانًا علامة على الإجهاض أو الحمل الهاجر.
يحدث الإجهاض عندما يموت الجنين في الرحم قبل 20 أسبوع، ويعرف الحمل الهاجر بأنه الحمل الذي يحدث خارج الرحم؛ أي عندما تنغرس المضغة خارج جوف الرحم.
اتصلي بطبيبك فورًا إن كنت تعانين من نزيف شديد أو دوخة أو ألم وتقلصات شديدة في البطن. إذا كنتِ تعانين من الإجهاض، فقد تنزفين لمدة أسبوعين أو أكثر، وقد يقترح طبيبك إجراء توسيع وكحت أو إجراء طبي آخر لإزالة الأنسجة المتبقية إن لم يفرغ رحمك تمامًا. يتطلب الحمل الهاجر عادةً عملية جراحية، ويختلف إنذاره وتهديده للحياة من حالة لأخرى.
6. أورام ليفية:
تسبب الأورام الليفية هذا النوع من النزيف. لا يعرف الباحثون تمامًا الأسباب المؤهبة لتشكل هذه الأورام الليفية، ولكنهم يعتقدون أن الوراثة تلعب دورًا في ذلك. على سبيل المثال، إذا كانت والدتك أو أختك مصابة بأورام ليفية، فقد تكونين أكثر عرضة للإصابة بها.
قد تسبب الأورام الليفية أيضًا طمث أكثر غزارة ومدة وشعور بالألم أو الثقل في الحوض ورغبة متكررة بالتبول وصعوبة في إفراغ المثانة والإمساك. بشكل عام، يجب استشارة الطبيب عند معاناتك من هذه الأعراض إلى جانب النزف.
كيف تفرقين بين النزيف الاختراقي ونزيف الانغراس؟
من الصعب معرفة ما إذا كان النزيف الذي تعانين منه هو نزيف اختراق أو نزيف انغراس. يحدث نزيف الانغراس بعد 10 إلى 14 يوم من الحمل، ولكنه لا يصيب جميع النساء.
يحدث النوعان بين الطموث، وكلاهما خفيف عادةً لا يحتاج استخدام فوط صحية أو سدادات قطنية. ومع ذلك، قد يحدث النزيف الاختراقي في أي وقت بين الدورتين، بينما يحدث نزيف الانغراس قبل عدة أيام من الدورة الغائبة؛ أي عند حدوث حمل. وبشكل عام، يعتبر اختبار الحمل أفضل طريقة لمعرفة ما إذا كنت تعانين من نزيف الانغراس أم نزيف اختراق.
يختلف العلاج بحسب السبب، وعلى ذلك، قد تتمكنين من التخلص من النزف نهائيًا أو تعتادي عليه. يجب على النساء اللاتي وصلن إلى سن انقطاع الطمث أيضًا مراقبة النزف عن كثب وزيارة الطبيب إذا لاحظن نزف بعد انقطاع الطمث لأشهر. تتنوع أسباب النزف بعد سن انقطاع الطمث من سليمة إلى خبيثة، ولهذا يجب زيارة الطبيب لتحديد السبب بالضبط.