●نعلم أن الحمل والولادة عملية فيزيولوجية مقتصرة على الأم، والذكر طبعاً غير قادر على الحمل والإنجاب لعدم امتلاكه الرحم والبيئة المناسبة في جسده. ولكن المثير للاهتمام أن هناك دراسات حديثة أثبتت حدوث تغيرات ملفتة للنظر في جسم الأب أثناء فترة حمل زوجته.
●في البداية، يجب أن نعلم أن الهرمون الذكوري “التستوستيرون” هو المحرك الأساسي لتطور الرجل والمسبب لظهور الصفات الذكورية وعلى رأسها العدوانية والقوة والصلابة وغيرها. ولكن أظهرت هذه الدراسات التي راقبت مستويات الهرمونات في جسم الأب خلال فترة الحمل التغيرات التالية:
– هرمون التستوستيرون: لوحظ انخفاضه إلى ثلث قيمته الطبيعية.
– هرمون الاستراديول والبروجستيرون (الهرمونات الأنثوية): تنخفض نسبها أيضًا.
– هرمون الكورتيزون (هرمون الجهد): بقي على حاله ولم يتغير.
– هرمون الأوكسيتوسين (هرمون الحب والتعاطف): ارتفعت نسبته بشكل صادم جداً.
●ولكن ما تفسير ذلك؟!
قد تكون هذه التغييرات من فعل دماغ الأب الذي ينتظر مولوده القادم، ويتعزز ذلك بشكل واضح عندما يتعامل الأب مع زوجته خلال فترة الحمل أو يسمع دقات قلب الجنين أو يشعر بحركته في رحمها.
وتفسّر هذه التغيرات بأن الأب في هذه المرحلة يحتاج إلى تخفيف عدوانيته وغضبه، وأن يصبح صبوراً وعاطفياً أكثر وذلك لأسباب شتى أهمها:
– حاجته لاحتواء زوجته وتعاطفه معها خلال فترة الحمل، وكما هو معروف أن هذه المرحلة من أصعب المراحل في حياة الأنثى وأكثرها تقلّباً في المزاج.
– الاستعداد لمرحلة جديدة تتطلب الكثير من الحب والتعاطف مع المولود القادم، بهدف تسهيل التواصل والتعامل معه، وهذا ما يعززه زيادة الأوكسيتوسين.
– تخفيف ميوله الذكورية من غضب وعنف، وحاجته لشعور الاستقرار أيضاً، وهذا ما يحققه انخفاض التستوستيرون.
– الاستعداد للأبوة الذي قد يكون مخيفاً ومرهقاً للبعض.
●وقد أثبتت هذه الأبحاث أن التبدلات الهرمونية هذه لا تقتصر فقط على فترة الحمل، بل تستمر مع الأب بعد ولادة الطفل وخلال فترة طفولته الأولى، وهذا ما يترجم على أرض الواقع عندما ترى الذكر الصلب القاسي يتفاعل ويلاعب طفله الصغير، ويرسم أشكالًا مضحكة بوجهه حتى يضحك طفله.
●في النهاية، نجد أن هذه التبدلات الغريبة فعّالة وضرورية جداً من أجل خلق بيئة مناسبة للإنجاب، ولمساعدة كلا الأبوين في ولادة الطفل وتحقيق الغاية الأسمى من بناء الأسرة. ولكن قد تحمل هذه التغيرات معها مجموعة من المشاعر المضطربة للرجل، وهذا أمر طبيعي جداً ومنطقي. ولتخطي هذه المشاعر المربكة قد يساعد التحدث بالأمر مع الأصدقاء الذين مروا بذات التجربة أو باستشارة أخصائي بطب الأسرة والعائلة.
المصادر:
https://www.fathersnetwork.org.uk
https://www.tommys.org