تأثير الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي على جودة النوم: دراسة وأبحاث ونصائح لتحسين النوم
في زمن التكنولوجيا المتطورة، باتت وسائل التواصل الاجتماعي عنصرًا لا غنى عنه في حياتنا اليومية.
أصبحت الهواتف الذكية جزءًا أساسيًا من روتيننا، حيث تتيح لنا إجراء العديد من المهام مثل التواصل، تصفح الإنترنت، العمل عن بُعد، والترفيه. ومع ذلك، تتجاوز تأثيرات الهواتف الذكية على المجتمع فوائدها الظاهرة، مما يثير تساؤلات حول آثارها السلبية على التاريخ والثقافة والعلاقات الاجتماعية.
مع ازدياد الاعتماد على الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، أصبحت عادة تصفح التطبيقات المختلفة قبل النوم شائعة. لكن هل تساءلت يومًا عن تأثير هذه العادة على جودة نومك وإنتاج هرمون الميلاتونين في جسمك؟ في هذا المقال، سنناقش كيف تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي واستخدام الشاشات قبل النوم على النوم وصحة الجسم، بالإضافة إلى نصائح لتحسين جودة النوم.
ضوء شاشات الهواتف وتأثيره على جودة النوم
حذرت دراسة أميركية حديثة من أن الضوء الأزرق المنبعث من الأجهزة الرقمية، خاصة الهواتف الذكية، يمكن أن يسهم في انخفاض جودة النوم ليلاً، خصوصًا إذا تعرضت العين لهذا الضوء قبل النوم. أجريت الدراسة من قبل باحثين في جامعة هيوستن، ونُشرت نتائجها في دورية (Ophthalmic Physiological Optics) العلمية. أوضح الباحثون أن الشاشات الإلكترونية والمصابيح منخفضة الطاقة، مقارنة بالمصابيح التقليدية، تميل إلى إصدار كميات أكبر من الضوء الأزرق، وهو ضوء معروف بضرره على العين منذ زمن بعيد.
كيف يؤثر الضوء الأزرق على النوم؟
تشير الأبحاث إلى أن التعرض للضوء الأزرق المنبعث من الشاشات قبل النوم يمكن أن يكون له تأثير سلبي على جودة النوم. الضوء الأزرق يعيق إنتاج الميلاتونين، وهو هرمون ينظم دورة النوم والاستيقاظ. عندما تتعرض عينيك للضوء الأزرق، يُرسل جسمك إشارات تفيد بأنه يجب أن يكون في حالة يقظة، مما يؤدي إلى صعوبة في الاسترخاء والنوم. يخدع الضوء الأزرق الدماغ ليعتقد أن الوقت نهار، مما يوقف الجسم عن إفراز هرمون النوم المسمى الميلاتونين.
الميلاتونين ودوره في تنظيم النوم
الميلاتونين هو هرمون يُنتج بشكل طبيعي في الغدة الصنوبرية في الدماغ، ويُعتبر ضروريًا لتنظيم دورة النوم.
يُفرز هذا الهرمون عادةً في المساء عندما يبدأ الظلام، مما يُشير للجسم أنه حان وقت النوم. ومع ذلك، فإن التعرض للضوء الصناعي، وخاصة الضوء الأزرق من الشاشات، يمكن أن يُقلل من مستويات الميلاتونين في الدم، مما يؤدي إلى صعوبة في النوم والشعور بالأرق.
تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة العقلية
أثبتت أبحاث متعددة أن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تثير مشاعر القلق والاضطراب، بما في ذلك الشعور بعدم الارتياح وصعوبات النوم ونقص التركيز. من بين هذه الأبحاث، هناك دراسة بارزة نُشرت في مجلة “الكمبيوتر والسلوك البشري”، حيث أظهرت أن الأفراد الذين يستخدمون سبعة أو أكثر من منصات التواصل الاجتماعي هم أكثر عرضة للإصابة بمستويات عالية من القلق بمعدل يتجاوز ثلاث مرات مقارنة بأولئك الذين يستخدمون منصة أو اثنتين فقط أو لا يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي على الإطلاق.
نصائح لتحسين جودة النوم
1. تحديد وقت للتوقف عن استخدام الشاشات: وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة “Sleep Medicine Reviews”، فإن استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل النوم يمكن أن يؤثر سلبًا على جودة النوم بسبب الضوء الأزرق الذي ينبعث منها. يُوصى بتجنب الشاشات لمدة ساعة على الأقل قبل النوم لتحقيق نوم أفضل.
2. استخدام وضعية “الليل” على الأجهزة: أظهرت أبحاث من جامعة هارفارد أن تفعيل وضعية “الليل” أو استخدام فلاتر الضوء الأزرق يمكن أن يقلل من تأثير الضوء الضار على إنتاج الميلاتونين، وهو هرمون يساعد في تنظيم النوم.
3. ممارسة تقنيات الاسترخاء: دراسة نُشرت في “Journal of Clinical Psychology” أظهرت أن تقنيات الاسترخاء مثل التأمل واليوغا يمكن أن تقلل من مستويات القلق وتحسن جودة النوم. يمكن أن تساعد هذه الممارسات في تهدئة العقل والجسم قبل النوم.
4. تهيئة بيئة نوم مريحة: وفقًا لأبحاث من “National Sleep Foundation”، فإن البيئة المحيطة تلعب دورًا كبيرًا في جودة النوم. يُنصح بجعل غرفة النوم مظلمة وهادئة وباردة، حيث إن درجة الحرارة المثلى للنوم تتراوح بين 15-19 درجة مئوية.
5. تجنب المحتوى المثير للقلق: دراسة من جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس (UCLA) وجدت أن التعرض للمحتوى المثير للقلق قبل النوم يمكن أن يؤدي إلى زيادة مستويات التوتر وصعوبة النوم. يُفضل قراءة كتب أو مشاهدة محتوى إيجابي لتحسين الحالة المزاجية.
إن التأثير السلبي للهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي على جودة النوم والصحة العقلية يعد قضية متزايدة الأهمية في عصرنا الحديث.من خلال اتباع النصائح المذكورة أعلاه وتبني عادات صحية للنوم، يمكنك تحسين نوعية نومك وتعزيز صحتك العامة.