نعلم أنّ ممارسة الرياضة فعل صحي ومفيد للجسم، وأن جميع المصادر الطبية والأطباء ينصحون بممارسة الرياضة والاهتمام بصحة وغذاء الجسم. إضافةً لذلك، اعتبرت العديد من المدارس الطبية أن التمرين هو أول أسلوب وقائي تجاه الأمراض وأفضل سبيل لتعزيز قوة الجهاز المناعي.
● ولكن ماذا نقصد هنا بكلمة الرياضة؟ في الحقيقة، الطب يدعم جميع أنواع الرياضات أياً كانت، ولكن ضمن حدود معينة مضبوطة. فمثلاً تجد أن طبيبك يشجعك على ممارسة تمارين المقاومة أو الجري أو السباحة وغيرها، فيطلب منك تخصيص 150 دقيقة أسبوعياً أو أكثر قليلاً لممارسة الرياضة التي تحبها. ولكن هل ستبقى الرياضة مفيدة إذا زاد المرء شدة تدريبه أكثر من ذلك؟ هل سيعود الموضوع على الرياضي بآثار سلبية إذا بالغ بممارسة الرياضة؟
● لا يوجد جواب كافٍ أو حاسم لهكذا سؤال، ولكن في العموم، أي رياضة في العالم ستحمل آثارًا سلبية على المرء في حال التوجه فيها نحو التطور الحقيقي أو الاحتراف. وهنا نستطيع أن نعطي العديد من الأمثلة عن المواضيع التي لا تزال محط جدال وخلاف بين الوسط الطبي والرياضي، مثلاً:
– رياضة كمال الأجسام بالطبع هي رياضة مفيدة وتقوي العضلات والعظام وتحسن هيئة الجسم. ولكن النظام الغذائي العالي بالبروتين قد يكون منهكًا للجهاز الهضمي والكلية على المدى الطويل. كما أن فكرة إدخال كمية سعرات حرارية عالية جداً مرهقة للجسم والنفسية على مدى السنين.
وقد تكون الجدلية الأهم والأكبر هي أن الكتلة العضلية الكبيرة التي يحملها لاعب كمال الأجسام تتطلب ضخ دم من القلب ودوران دموي أقوى وأكبر من الإنسان العادي، لذلك قد يكون ذلك مرهقًا جداً لعضلة القلب.
– رياضات الفنون القتالية خير مثال هنا، فبالرغم من القوة الجبارة وقدرة التحمل الرهيبة التي يمتلكها لاعب الفنون القتالية، إلا أن تلقي اللكمات على مدار السنين يعود بتأثيرات سلبية شتى على الجهاز العصبي وقد تسبب إصابات خطيرة دائمة. كما أن طبيعة تمرين لاعب الفنون القتالية القائمة على رفع نبض اللاعب لمستويات عالية جداً قد لا تناسب مرضى القلب والسكري مثلاً.
– رياضة كرة القدم والجري عموماً، ورغم أنها تعتبر رياضة مسالمة وجيدة لصحة جهاز التنفس ولحرق السعرات، إلا أن الضغط الطويل على الساق والقدم قد يسبب كسور الإجهاد.
ولعل الخطر الأكبر في هذه الرياضات أن لاعبها يحتاج إلى الحفاظ على نسبة دهون قليلة جداً لفترات طويلة، وهذا ما ينهك الجسم ويؤثر على نسب الهرمونات الطبيعية في جسمه وهذا أمر غير صحي تماماً.
– أما الخطر الذي تحمله جميع الرياضات سوياً، فهو خطر استخدام الهرمونات والستيرويدات الابتنائية، التي تحمل آثارًا سلبية ومخاطر هائلة تبدأ من ظهور الحبوب على الجلد وتساقط الشعر ويمكن أن تنتهي بالوفاة أو العجز التام.
● وبالتالي نجد أن الرياضة سلاح ذو حدين، بالطبع ستبقى مفيدة وذات آثار إيجابية وصحية، ولكن علينا الالتزام بالإرشادات التالية قدر الإمكان للحفاظ عليها كمصدر للقوة والصحة والاستقرار النفسي:
– التوازن في ممارستها، وإعطاء الجسم فترات الراحة التي يحتاجها بين الحصص الرياضية كي تتم عملية الاستشفاء العضلي.
– الوقاية من الإصابات شائعة الحدوث في كل رياضة عن طريق التمرين تحت إشراف مدرب رسمي.
– الالتزام بنظام غذائي متوازن ومتنوع يحتوي على كل مصادر الغذاء، وإعطاء فترات راحة للجهاز الهضمي من ضغط الطعام والهضم عن طريق أخذ وجبات خفيفة وغنية بالألياف.
– عدم المخاطرة والاندفاع غير المدروس ومحاولة تقليد صانعي المحتوى الرياضي على الإنترنت، فأنت تمارس الرياضة بهدف الحفاظ على صحتك ولست محترفًا ولست مؤهلاً للقيام بما يقومون به.
● في النهاية عليك أن تدرك هدفك من ممارسة الرياضة، فهل تريد ممارستها لأجل صحتك؟ أم تسعى للاحتراف؟ هل هي جانب مهم في حياتك أم أنك تسعى لتصبح هي عملك ومصدر دخلك الأول؟ هنا تستطيع فقط أن تدرك إلى أي حد يمكنك الاندفاع وأين عليك التوقف.
المصادر:
https://my.clevelandclinic.org
https://www.betterhealth.vic.gov.au
https://jamanetwork.com