صدى الخلود: تأملات في المصير الأبدي للحبيب عمر بن حفيظ

بقلم حسين الطيب

في عالم يموج بالتحولات المتسارعة والمادية الطاغية، تبدو الحياة وكأنها سباق لا ينتهي، وجهود البشر متسارعة نحو مجهول لا يم

لكون السيطرة عليه. وسط هذا الزخم الذي يضج بالضجيج والهموم، يبرز العالم الجليل الحبيب عمر بن حفيظ، بكلماته التي تحمل من الصدق ما يخترق القلوب ويعيد ترتيب الأولويات. في حديثه المؤثر عن المصير الأبدي، يأخذنا في رحلة تأملية عميقة في غايات الحياة وحقائق الوجود.

“أصبح شأنك مع هذا الذي لا معقب لحكمه”، بهذه الكلمات البسيطة التي تحمل معانٍ ثقيلة كجبال الأرض، يفتح الشيخ نوافذ التفكير على مصير حتمي يتجاهله الإنسان في خضم انشغاله بالدنيا. فحياتنا، كما يصفها، ليست سوى عبور مؤقت على جسر يؤدي إلى الأبدية، حيث يُحاسب الإنسان على كل ما قدمته يداه.

يرسم الحبيب عمر بن حفيظ صورة دقيقة لحال الإنسان المعاصر. الإنسان الذي يلهث خلف سراب المال والقوة والسلطة، معتقدًا أنه يقترب من السعادة، لكنه يبتعد عنها أكثر كلما ركض نحوها. يقول الشيخ بأسلوبه المميز: “ما أحقرها، ما أنفعها، ما أقرب سقوطها!”، في إشارة إلى زينة الدنيا التي تأسر القلوب وتغشي الأبصار.

إنه يصف البشرية كما لو أنها تجري نحو هاوية، وهي غارقة في أوهامها، متجاهلة المنارة التي تهدي إلى الطريق المستقيم. هذه الكلمات ليست مجرد نقد للواقع، بل هي دعوة للتفكر والعودة إلى الأساسيات: أن الهدف الحقيقي للحياة ليس جمع المال أو تحقيق الشهرة، بل هو تحقيق الإيمان والعمل لما بعد الموت.

وسط طغيان المادية في هذا العصر، يشير الشيخ إلى أن البوصلة الحقيقية للسعادة لا تشير إلى الأرض أو إلى مصالح آنية، بل تشير إلى السماء، إلى الله سبحانه وتعالى. ويستشهد بآيات من القرآن الكريم، مثل قوله تعالى: “ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا” (الأحزاب: 71).

يوضح أن الهداية لا تتجلى في تكديس الثروات أو الوصول إلى مناصب رفيعة، بل في إخلاص النية والتوجه إلى الله بقلوب صادقة. ويشير إلى أن السعادة الحقيقية تكمن في الإيمان بالله وفي فهم الغاية من الوجود.

في لحظة صادقة ومؤثرة، يصور الحبيب عمر المصير الذي ينتظر كل إنسان: “فريق في الجنة وفريق في السعير.” ليست هذه العبارة مجرد تخويف، بل هي واقع يستدعي التفكر. فالإنسان الذي يغفل عن حقيقته ويُسرف في ملذات الدنيا يجد نفسه يومًا ما أمام خيارين لا ثالث لهما.

ويسلط الشيخ الضوء على ما يسميه “القضايا المصيرية” التي تشغل الناس اليوم، مثل السياسة والاقتصاد والقوى العالمية. ويشير إلى أن هذه القضايا، رغم أهميتها في ظاهرها، ليست أكثر أهمية من مصير الروح، وما إذا كانت ستنتهي في النعيم أو في الجحيم.

هذه المحاضرة ليست مجرد كلمات تُقال في قاعة أو درس يُلقى في مناسبة، بل هي دعوة للنهضة الروحية والفكرية. إنها صرخة توجهها روح واعية إلى قلوب أمة نائمة، لعلها تستيقظ قبل فوات الأوان.

ويحذر الشيخ من الغفلة، التي هي العدو الأول للإنسان في طريقه إلى الله. فالغفلة، كما يصفها، ليست مجرد انشغال بالملهيات، بل هي انفصال عن المعنى الحقيقي للحياة، الذي يتمثل في السعي نحو مرضاة الله والعمل لما بعد الموت.

“يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم” (الشعراء: 88-89). بهذه الآية الكريمة، يختم الحبيب عمر بن حفيظ تأملاته، مشددًا على أن السبيل الوحيد للنجاة يكمن في صفاء القلب وصدق النية. ويحثنا على العودة إلى الله، ليس بالخوف وحده، بل بالحب والرغبة في رضاه.

ويقول: “الحياة الحقيقية تبدأ حينما تضع نفسك في موضع الصدق مع الله. حينها، ترى الدنيا على حقيقتها، وترى الآخرة على حقيقتها.” هذه الكلمات تلخص فلسفة الشيخ: أن الحياة ليست إلا طريقًا، وأن علينا اختيار الطريق الذي يقود إلى الله.

صدى كلمات الحبيب عمر بن حفيظ لا يقتصر على لحظة سماعها، بل يظل يتردد في أعماق القلب، يذكّرنا بحقيقة المصير الأبدي. إنها ليست مجرد محاضرة عابرة، بل رسالة خالدة تتحدى الزمن، وتعيد صياغة فهمنا للوجود.

علينا جميعًا أن نتوقف للحظة، نعيد النظر في أولوياتنا، ونسأل أنفسنا: إلى أين نحن ذاهبون؟ فالمصير الأبدي ينتظرنا جميعًا، ولا نجاة إلا لمن أعد العدة وسار إلى الله بقلب نقي وإيمان صادق.

المعلومات المقدمة حول هذا الموضوع ليست بديلاً عن المشورة المهنية ، ويجب عليك استشارة أحد المتخصصين المؤهلين للحصول على مشورة محددة تتناسب مع وضعك. بينما نسعى جاهدين لضمان دقة المعلومات المقدمة وحداثتها ، فإننا لا نقدم أي ضمانات أو إقرارات من أي نوع ، صريحة أو ضمنية ، حول اكتمال أو دقة أو موثوقية أو ملاءمة أو توفر المعلومات أو المنتجات أو الخدمات أو ما يتعلق بها الرسومات الواردة لأي غرض من الأغراض. أي اعتماد تضعه على هذه المعلومات يكون على مسؤوليتك الخاصة. لا يمكن أن نتحمل المسؤولية عن أي عواقب قد تنجم عن استخدام هذه المعلومات. يُنصح دائمًا بالحصول على إرشادات من محترف مؤهل.