لماذا لا تنجح المكافآت الكبيرة في تحفيز الابتكار؟

لماذا لا تنجح المكافآت الكبيرة في تحفيز الابتكار؟ النقود ليست المحرك الوحيد في عالم ريادة الأعمال الحديث

 

تُعتبر المكافآت المالية الضخمة، مثل الحوافز السنوية والعمولات، ركيزةً أساسية في استراتيجيات تحفيز الموظفين لدى العديد من الشركات الناشئة والشركات الكبرى في المنطقة. تقوم الفكرة على مبدأ بسيط: إذا أردت أداءً أفضل، ادفع أكثر. لكن ماذا لو كانت هذه الفرضية، التي تبدو منطقية، خاطئة تماماً؟

لقد أظهرت الأبحاث في علم التحفيز أن هذا النهج التقليدي، الذي يطلق عليه “العصا والجزرة”، لا يعمل بالفعالية المطلوبة، بل قد يؤدي إلى نتائج عكسية، خاصة في بيئة الأعمال المعاصرة التي تتطلب الابتكار، والإبداع، وحل المشكلات المعقدة.

وهم المكافأة: الأداء يتراجع مع زيادة الحافز

في إحدى الدراسات الرائدة التي أجريت في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، عُرضت على مجموعة من الطلاب ثلاث مستويات من المكافآت المالية مقابل إنجاز مهام معينة. وكانت النتائج مفاجئة: للمهام التي تتطلب مهارات يدوية بسيطة، عمل نظام المكافآت بشكل ممتاز. لكن بمجرد أن تضمنت المهام تفكيراً إبداعياً أو معرفياً ولو كان بسيطاً، أدى العرض بمكافأة أعلى إلى أداء أسوأ بشكل ملحوظ.
هذه النتيجة لم تكن صدفة. فقد كُررت التجربة في مناطق مختلفة حول العالم، منها مناطق في الهند حيث كانت المكافأة الأعلى تعادل راتب شهرين، وكانت النتيجة واحدة: الحوافز الكبيرة أدت إلى تراجع الأداء.

هذا التناقض يطرح سؤالاً جوهرياً على كل رائد أعمال: إذا كان المال ليس المحرك الأقوى، فما الذي يدفع الموظفين حقاً للإبداع؟

ثلاثية التحفيز في القرن الحادي والعشرين

يُظهر العلم أن المحرك الحقيقي للأداء المتميز في عالمنا اليوم لا يكمن في المكافآت الخارجية، بل في ثلاثة عوامل داخلية أساسية:

1. الاستقلالية (Autonomy): الرغبة في توجيه حياتنا وعملنا بأنفسنا هي دافع فطري. الإدارة التقليدية التي تركز على السيطرة والمتابعة اللصيقة قد تحقق الامتثال، لكنها تخنق الإبداع. على العكس، الشركات التي تمنح موظفيها قدراً من الاستقلالية والحرية في كيفية إنجاز عملهم، تحصل على مستويات أعلى من الالتزام والابتكار.

مثال : بدلاً من إجبار فريق التسويق على الالتزام بجدول صارم، يمكنك منحهم يوماً واحداً في الشهر لتجربة حملات تسويقية خارج الصندوق. هذا اليوم من الاستقلالية يمكن أن يؤدي إلى أفكار جديدة للمنتجات أو استراتيجيات قد لا تظهر أبداً في ظل الروتين.

2. الإتقان (Mastery): الناس لديهم رغبة عميقة في أن يصبحوا أفضل فيما يفعلونه. هذا ما يدفع المبرمجين الموهوبين إلى المساهمة في مشاريع برمجيات مفتوحة المصدر مثل “لينكس” دون مقابل مادي. الدافع هنا هو الرغبة في تحدي الذات وإتقان المهارات. يجب على الشركات الناشئة أن تغذي هذه الرغبة بتوفير فرص للتعلم والتطوير المستمر، مما يجعل الموظفين يشعرون بالرضا الشخصي والمهني.

3. الهدف (Purpose): يعمل الناس بجهد أكبر عندما يؤمنون بأن عملهم يخدم هدفاً نبيلاً يتجاوز مجرد تحقيق الربح. عندما يكون الدافع المالي منفصلاً عن هدف أسمى، تتولد منتجات رديئة وخدمات غير ملهمة وأماكن عمل لا تشجع على الإبداع. إن الشركات التي تضع هدفاً واضحاً ومؤثراً (مثل تحسين جودة الحياة في المجتمع أو حل مشكلة بيئية) لا تجتذب أفضل المواهب فحسب، بل تُطلق العنان لإمكانيات موظفيها.

ختاماً

في الاقتصاد الحديث الذي يعتمد على المعرفة والابتكار، لم يعد نظام “العصا والجزرة” كافياً. إن مفتاح النجاح المستدام يكمن في بناء بيئة عمل تعطي الأولوية للاستقلالية، وتغذي الرغبة في الإتقان، وتوجه الجميع نحو هدف مشترك. هذه هي العقلية التي يجب أن يتبناها كل قائد مالي وريادي ليحول شركته من مجرد مكان لكسب المال إلى مكان للنمو والإبداع.

no
no

لقد ساعد الذكاء الاصطناعي في كتابة هذا المقال

اختار المشارك أن يبقى مجهولًا.

المعلومات المقدمة حول هذا الموضوع ليست بديلاً عن المشورة المهنية ، ويجب عليك استشارة أحد المتخصصين المؤهلين للحصول على مشورة محددة تتناسب مع وضعك. بينما نسعى جاهدين لضمان دقة المعلومات المقدمة وحداثتها ، فإننا لا نقدم أي ضمانات أو إقرارات من أي نوع ، صريحة أو ضمنية ، حول اكتمال أو دقة أو موثوقية أو ملاءمة أو توفر المعلومات أو المنتجات أو الخدمات أو ما يتعلق بها الرسومات الواردة لأي غرض من الأغراض. أي اعتماد تضعه على هذه المعلومات يكون على مسؤوليتك الخاصة. لا يمكن أن نتحمل المسؤولية عن أي عواقب قد تنجم عن استخدام هذه المعلومات. يُنصح دائمًا بالحصول على إرشادات من محترف مؤهل.