عندما يكون الدور صحيحاً ولكن التطابق ليس كذلك: كيف تُنهي علاقة عمل مع موظف رفيع المستوى لم يكن مناسباً للوظيفة
هناك لحظة في حياة أي قائد تشبه الوقوف أمام هبّة ريح مفاجئة. تظل ثابتاً من الخارج، لكن في داخلك شيء يتقلّب. لقد وظّفت شخصاً في منصب قيادي، شخصاً كفوءاً، يحمل خبرة وقدرة، واجتاز المقابلات بتألق. ثم تبدأ الأسابيع الأولى، تتكشف التوقعات، وتظهر حقيقة هادئة: الشخص ممتاز، لكن طبيعة الوظيفة لا تتطابق معه.
ليس لأنه فشل. وليس لأنه غير مؤهل. بل لأن الدور احتاج شيئاً مختلفاً عمّا يمكنه تقديمه، أو لأن المؤسسة تطوّرت بطريقة لم تكن واضحة عند التوظيف.
إنهاء العلاقة بشكل مهني وأنيق هو من أهم مهارات القيادة.
لماذا يحدث عدم التوافق — حتى في المناصب العليا؟
الأدوار القيادية غالباً ما تكون كيانات متغيّرة: استراتيجيات تتحول، مهام تتسع، ضغوط للإنجاز بسرعة، ومساحات من الغموض. ويمكن أن يظهر عدم التوافق عبر:
-
اختلاف في فهم الهدف الحقيقي للدور
-
اختلاف في أسلوب القيادة أو إدارة العمل
-
فجوة بين ما تتطلبه الوظيفة وبين نقاط قوة الموظف
-
تغيّر أولويات الشركة بعد التوظيف
وفي بيئات متسارعة — خصوصاً في الإعلام، التكنولوجيا، الشركات عالية النمو — حتى أفضل عمليات التوظيف لا تكشف كل شيء إلا بعد بدء العمل الفعلي.
اكتشاف المشكلة مبكراً ليس فشلاً. الإبقاء عليها دون معالجة هو الفشل الحقيقي.
الخطوة الأولى: امتلك السرد بصدق وتعاطف
فتح حوار إنهاء الخدمة مع موظف قيادي ليس اجتماعاً عادياً. إنه اختبار لنضجك ولقدرتك على قول الحقيقة باحترام.
ابدأ بشفافية:
-
“الأمر لا يتعلق بك كمهني.”
-
“هذه ليست مشكلة أداء.”
-
“هناك عدم تطابق بين احتياجات الدور وما تقدمه خبراتك.”
طريقة التعبير مهمة. فهي تساعد الشخص على فهم الموقف من دون أن يشعر باللوم أو الانتقاص.
التعاطف لا يُضعف الرسالة، بل يجعلها أكثر مهنية.
الخطوة الثانية: قدّم الحقيقة دون إفراط في الشرح
الموظفون التنفيذيون يقدّرون الوضوح. مرّوا عبر إعادة الهيكلة، التغييرات الاستراتيجية، والانتقالات الوظيفية. لا يحتاجون إلى رواية طويلة. يحتاجون إلى حقيقة هادئة.
ركّز على:
-
ما يحتاجه الدور الآن وفي المستقبل
-
الفجوة بين التوقعات والمهام المطلوبة
-
قرار التوجه نحو ملف وظيفي مختلف
هذا يحافظ على صلابة الحوار من دون عاطفة زائدة.
الخطوة الثالثة: حافظ على كرامة الموظف
إنهاء عقد شخص رفيع المستوى يجب أن يتم بغطاء غير مرئي من الاحترام. احمِ سمعته كما تحب أن تُحمى سمعتك.
يشمل ذلك:
-
حواراً خاصاً ومحترماً
-
تفاصيل مالية واضحة
-
منحه خياراً لكيفية الإعلان الداخلي
-
تقديم توصية مهنية نزيهة تعكس نقاط قوته
-
تحديد فترة انتقالية سلسة
الخروج الكريم هو انعكاس لثقافة الشركة وقيادتها.
الخطوة الرابعة: كن حازماً في القرار، مرناً في التفاصيل
يمكنك أن تكون إنسانياً من دون أن تكون غامضاً.
يمكنك أن تكون داعماً من دون أن تترك الباب مفتوحاً لمراجعة القرار.
أعلن القرار بوضوح، ثم انتقل إلى التفاصيل العملية:
-
آخر يوم عمل
-
خطة التسليم
-
المهام المتبقية
-
المستحقات المالية
-
دعم مهني اختياري
القادة يقدّرون التنظيم. قدمه لهم.
الخطوة الخامسة: تواصل داخلياً بنضج ومسؤولية
الفريق سيشعر بالتغيير. الصمت يصنع القصص. الوضوح يبني الثقة.
يكون البيان الداخلي بسيطاً:
“بعد مراجعة متطلبات الدور القيادي، وجدنا أن الملف المطلوب يختلف عن الموجود حالياً. نشكر الزميل على جهوده ونتمنى له التوفيق.”
تجنب الشرح المفرط. تجنب اللوم. تجنب الدراما.
الفرق تتبع القادة الذين يتواصلون بتوازن.
الخطوة السادسة: قيّم عملية التوظيف
النمو القيادي يحدث بعد انتهاء الحدث.
اسأل نفسك:
-
هل تغيّر نطاق الدور بعد التوظيف؟
-
هل كانت التوقعات واضحة أثناء المقابلات؟
-
هل قيّمنا الملاءمة الاستراتيجية بالإضافة إلى الكفاءة المهنية؟
-
هل أثر عامل السرعة على جودة الاختيار؟
كل تجربة غير متطابقة هي ملاحظة لتحسين الدقة في المستقبل.
توظيف القادة من أعلى المناصب هو من أكثر القرارات تكلفة وتأثيراً. استفد من التجربة لصقل طريقة تعريف الأدوار وتقييم المرشحين وضبط التوقعات.
كلمة أخيرة بروح إنسانية
إنهاء عقد موظف رفيع المستوى بسبب عدم التوافق ليس علامة ضعف في القيادة — بل علامة قوة.
إنه يعني أنك:
-
شجاع بما يكفي لاتخاذ قرار صعب
-
ناضج بما يكفي للفصل بين الشخص والموقف
-
مسؤول بما يكفي لحماية مصلحة الشركة على المدى الطويل
وقبل ذلك كله، يعني أنك تضع الإنسانية قبل الألقاب.
عندما يتم هذا القرار بتعاطف ووضوح واحترام، يصبح أصعب فصل في القصة… فصلاً احترافياً لكل الأطراف.

