الصحة النفسية للأطفال لها تأثير مباشر على مشاكل الفم والأسنان من تسوس الأسنان وأمراض اللثة والمشاكل التقويمية في صف وبزوغ الاسنان
تجدر الإشارة إلى أن الصدمة تؤثر على صحة الطفل الجسدية، وليس فقط تؤثر على صحته النفسية. قد يعاني الأطفال المصابون بصدمات نفسية من الاكتئاب والقلق ومشاكل الصحة العقلية الأخرى التي بدورها تنعكس ويمكن أن تزيد من تفاقم مشاكل الأسنان لديهم. على سبيل المثال، قد يكون الأطفال الذين يعانون من الاكتئاب أكثر عرضة لإهمال نظافة الفم، في حين أن أولئك الذين يعانون من القلق قد يكونون أكثر عرضة لصرير الأسنان وانقباض الفك.
الصدمة النفسية على الطفل في تغير عاداته الغذائية. قد يعاني الأطفال المصابون بصدمات نفسية من صعوبة في الأكل أو انخفاض الشهية، مما قد يؤدي إلى سوء التغذية ونقص العناصر الغذائية الأساسية الضرورية لصحة الأسنان واللثة. بالإضافة إلى ذلك، قد يتحول الأطفال الذين يعانون من الصدمة إلى الأطعمة السكرية أو عالية الكربوهيدرات من حلويات واطعمة جاهزة للتكيف، مما قد يزيد من خطر الإصابة بتسوس الأسنان ومشاكل الأسنان الأخرى.
هناك طريقة أخرى يمكن أن تؤثر بها الصدمة النفسية على صحة فم الطفل وهي زيادة مستويات التوتر والقلق. قد يعاني الأطفال المصابون بصدمات نفسية من مستويات عالية من التوتر، مما قد يؤدي إلى اغلاق الفك بقوة وصرير الأسنان باللاوعي او عند وقت النوم. يمكن أن يتسبب ذلك في تآكل الأسنان بشكل مفرط، مما يؤدي إلى انكسار او التشقق وحتى فقدان الأسنان في الحالات الشديدة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي التوتر والقلق إلى إضعاف جهاز المناعة، مما يجعل الأطفال أكثر عرضة للعدوى والالتهابات في اللثة والفم.
وأيضا تشكيل بعض العادات الغير محببة لدى الطفل مثل عادة مص الإصبع او وضع القلم او الألعاب في الفم وهذا يشكل تهديد كبير على تموضع الاسنان، فالتحريض المستمر من قبل الاصبع مع الشد العضلي للوجه عند القيام بمص الاصبع يغير من مواضع الاسنان ويتسبب في مشكلات تقويمية قد تتحول بعد الفترة الزمنية الطويلة الى مشاكل هيكلية في عظام الوجه ومشاكل في التنفس والبلع والعديد من المشاكل الخطرة
في بعض الحالات، يمكن أن تؤدي الصدمة أيضا إلى عادات نظافة الفم السيئة عند الأطفال. قد يعاني الأطفال الذين يعانون من الصدمة التكاسل في اداء المهام اليومية مثل تنظيف الأسنان بالفرشاة والخيط أو قد يهملون نظافة الفم تماما. يمكن أن يؤدي ذلك إلى تراكم البلاك (القلح) والبكتيريا في الفم، مما قد يسبب تسوس الأسنان وأمراض اللثة ومشاكل أخرى في صحة الفم.
أخيرا، يمكن أن تؤثر الصدمة أيضا على وصول الطفل إلى رعاية والحفاظ على الأسنان. قد يكون الأطفال الذين عانوا من الصدمة أقل طلب لتلقي فحوصات الأسنان وتنظيفها بانتظام، إما بسبب المعوقات المالية أو الخوف من إجراءات طب الأسنان او الخوف من طبيب الاسنان نفسه. هذا يمكن أن يؤدي إلى تأخير في معالجة مشاكل الأسنان، والتي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم القضايا القائمة وتؤدي إلى مضاعفات أكثر خطورة قد تتحول من مشاكل عادية الى مشاكل هيكلية ويصبح التداخل عليها صعب وقد يتطلب جراحة.
يمكن أن يكون للصدمة النفسية تأثير كبير على صحة فم الطفل، قامت الباحثة” هاينا لي ” من معهد يو-أم للبحوث الاجتماعية بتقييم التأثير طويل الأجل لصدمة الأطفال واساءة معاملتهم على إجمالي فقدان الأسنان حيث أن البالغين الأكبر سنا معرضون لخطر أكبر من فقدان الاسنان إذا ما تعرضوا باستمرار لأحداث سلبية طوال حياته..
بعد السيطرة على الحالة الاجتماعية والاقتصادية للبالغين وعزل مرض السكري وأمراض الرئة، وجدت ” هاينا لي” التأثير طويل المدى لصدمات الأطفال وإساءة معاملتهم على فقدان الأسنان الكلي ووجدت أيضًا أن البالغين الأكبر سناً معرضون بشكل أكبر لخطر الإصابة الكاملة بفقدان الأسنان إذا عانوا باستمرار من الأحداث السلبية طوال الحياة
هذه الأحداث السلبية يمكن أن تؤثر على فقدان الأسنان من خلال المسارات السلوكية الاجتماعية. على سبيل المثال، قد يكون الأطفال المعتدى عليهم أكثر عرضة للانخراط في السلوكيات الغير الصحية مثل الافراط بالشرب أو الاستهلاك المفرط للسكر أو استخدام النيكوتين، والتي تسهم في فقدان الأسنان
لمعالجة تأثير الصدمة على صحة فم الطفل، من المهم اتباع نهج شامل يعالج سلامته الجسدية والنفسية. قد يشمل ذلك العمل مع أخصائي الصحة العقلية لمعالجة الأسباب الجذرية للصدمة وتقديم الدعم لاحتياجات الطفل العاطفية. قد يشمل أيضا العمل مع طبيب أسنان الأطفال لتطوير خطة علاج شاملة تعالج أي مشاكل أسنان موجودة وتعزز عادات صحة الفم الجيدة.
تتضمن بعض الاستراتيجيات المحددة التي قد تساعد في التخفيف من تأثير الصدمة على أسنان الطفل ما يلي:
* تشجيع عادات الأكل الصحية: يمكن أن يساعد تزويد الأطفال بالأطعمة الغنية بالمغذيات في دعم صحة الفم والرفاهية العامة. قد يتضمن ذلك العمل مع أخصائي تغذية أو اختصاصي تغذية لوضع خطة وجبات تلبي احتياجاتهم الخاصة. وتوعية الطفل من المخاطر التي يحمله الطعام الجاهز والحلويات
* إدارة التوتر والقلق: يمكن أن تساعد ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق أو التأمل أو اليوجا الأطفال على إدارة التوتر والقلق، او حتى اللعب وتفريغ الطاقة السلبية المكبوتة بسبب المشاكل النفسية او الصدمة مما يقلل من خطر صرير الأسنان ومشاكل الأسنان الأخرى.
* ترسيخ عادات نظافة الفم الجيدة: يمكن أن يساعد تشجيع الأطفال على تنظيف الأسنان بالفرشاة والخيط بانتظام، بالإضافة إلى تزويدهم بأدوات مثل معجون الأسنان بالفلورايد وغسول الفم، وقد تساعد الأدوات ذات الاشكال المألوفة للطفل مثل فرشاة الاسنان على شكل حيوان محبب او مسلسل كرتوني او كوب المضمضة عليه رسومات مفضلة في تعزيز عادات صحة الفم الجيدة وتقليل مخاطر مشاكل الأسنان.
* توفير رعاية الأسنان العادية: فحوصات الأسنان الدورية عند طبيبي الاسنان ضرورية للحفاظ على صحة الفم جيدة، ويمكن أن تساعد في تحديد ومعالجة أي مشاكل الأسنان المحتملة قبل أن تصبح أكثر خطورة.
بذلك نرى التأثير للصدمة النفسية ليس فقط على الصحة النفسية والعقلية انما أيضا تحمل في طياتها التأثيرات على الصحة الجسدية وخاصة الفم والاسنان لذلك يجدر على الاباء دائما الانتباه لتعاملهم مع الأطفال وحياتهم الروتينية في المدرسة او المنزل لتدارك المشاكل النفسية وبذلك حمايتهم من تأثيراتها الجسدية