الذهب.. هل هو أفضل استثمار في 2024؟

في عالم تتسارع فيه وتيرة التغيرات الاقتصادية، يظل الذهب ملاذًا آمنًا يلجأ إليه المستثمرون في أوقات الأزمات والتقلبات، وفي ظل التطورات الاقتصادية الراهنة، يبرز الذهب كأحد الأصول الاستثمارية الرئيسية، متفوقًا على العملات الرقمية والرئيسية على حد سواء.

أسعار الذهب عالمياً ومحليا

وعلى الصعيد العالمي، شهدت أسعار الذهب ارتفاعات ملحوظة خلال الفترة الماضية، حيث تجاوز سعر الأونصة “2392.34 دولار أمريكي” ومع استقرار الأوضاع نسبيا تراجع السعر حوالي 40 دولارا أمريكا خلال 24 ساعة الماضية، وهو ما يعكس حالة من عدم اليقين الاقتصادي التي تسود الأسواق العالمية.

وتتأثر أسعار الذهب بعدة عوامل منها السياسات النقدية للبنوك المركزية، ومعدلات التضخم، والتوترات الجيوسياسية، وحتى بالأزمات الصحية كما رأينا في جائحة كوفيد-19، وفي الآونة الأخيرة، أدت الأزمات المالية والديون السيادية إلى زيادة الطلب على الذهب كأصل استثماري آمن.

أما في مصر، فتشهد أسعار الذهب تقلبات طفيفة مقارنة بالسوق العالمي، حيث سجل عيار “21” نحو 3110 جنيهًا مصريًا، وهو ما يعكس استقرارًا نسبيًا في السوق المحلي في الوقت الحالي، ويُعزى هذا الاستقرار إلى عدة عوامل منها السياسات النقدية المحلية ومستوى الطلب في السوق المصري.

سبب تقلبات سعر الذهب

أما فيما يخص الشأن العالمي حول أسعار الذهب عالمياً، قبل اجتماع الفيدرالي في شهر يونيو القادم، يريد عدد من خبراء الاقتصاد بأمريكا أن سعر أونصة الذهب من المتوقع أن يصل خلال 6 أشهر القادمة إلى سعر 4000 دولاراً أمريكا.

ووصف ديفيد روزنبرغ، رئيس مؤسسة روزنبرغ للأبحاث، بأنه ما يحدث في سوق الذهب “مثير للإعجاب”، وذلك بسبب العوامل المتعددة التي جعلت الذهب يتجاوز العقبات الاقتصادية التقليدية.

وفقًا لروزنبرغ، فإن الارتفاع في أسعار الذهب يأتي في وقت يشهد فيه الدولار قوة غير مسبوقة وتراجع توقعات التضخم، بالإضافة إلى توجه بنك الاحتياطي الفيدرالي نحو سياسة نقدية تشددية.

هذه العوامل، التي كان من الممكن أن تؤدي إلى انخفاض قيمة الذهب، لم تمنع المعدن الثمين من مواصلة صعوده.

يشير روزنبرغ وفريقه إلى أن الدافع وراء هذه الزيادة ليس مرتبطًا بالعرض، الذي ظل ثابتًا على مدى السنوات الأخيرة، بل بزيادة الطلب، خاصة من البنوك المركزية التي بدأت تعيد النظر في الذهب كأصل احتياطي.

وكشف روزنبرغ أنه مع تراجع اليوان الصيني كعملة احتياطية عالمية، وتزايد مخاوف دول مثل اليابان وروسيا وتركيا وبولندا من الاعتماد المفرط على الدولار، تحولت هذه الدول إلى الذهب كملاذ آمن في مواجهة المخاطر الاقتصادية.

كما يلفت روزنبرغ الانتباه إلى أن الذهب يلمع بشكل خاص في الأسواق الناشئة مثل الهند والصين، بينما يتخلف المستثمرون في الغرب، حيث تؤدي أسعار الفائدة المرتفعة وأسواق الأسهم المزدهرة إلى تقليل جاذبية الاستثمار في الذهب.

توقعات أسعار الذهب

شهد الذهب ارتفاعًا ملحوظًا في الربع الأول من عام 2024، حيث ارتفع سعر الذهب الفوري (XAU/USD) بأكثر من 13٪ ليصبح أحد أفضل الأصول أداءً، ويعود هذا الارتفاع بشكل أساسي إلى توقعات خفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وجاذبية المعدن كملاذ آمن.

كما عززت التوترات الجيوسياسية الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط هذا الارتفاع، حيث وصل سعر الذهب إلى 2.430 دولارًا في 12 أبريل، بزيادة 15٪ عن بداية العام، على الرغم من ارتفاع الدولار الأمريكي إلى أعلى مستوى له في 5 أشهر.

توقعات الخبراء لأسعار الذهب خلال خمس السنوات القادمة

تختلف توقعات الخبراء لأسعار الذهب في المستقبل القريب والبعيد، مع وجود بعض الآراء المتفائلة والأخرى الحذرة حول مصير الذهب خلال 5 سنوات القادمة.

فالتوقعات المتفائلة لبعض المحللين أن يستمر الذهب في الارتفاع على المدى القصير إلى المتوسط، مدفوعًا بضعف ​​الدولار الأمريكي واستمرار عدم اليقين الاقتصادي والجيو-سياسي، يرجح محللو دويتشه بنك أن يصل سعر الذهب إلى 2.600 دولار للأونصة بحلول نهاية عام 2024، بينما يتوقع بنك أوف أمريكا أن يصل الذهب إلى 3.000 دولار للأونصة بحلول عام 2025.

التوقعات الحذرة يرى محللون آخرون أن الذهب قد يواجه بعض التحديات على المدى القصير، حيث قد تؤدي سياسة التشديد النقدي المتزايدة من قبل البنك الفيدرالي إلى ارتفاع ​​العائدات على السندات الأمريكية وجذب الاستثمارات بعيدًا عن الذهب. يعتقد خبراء في Goldman Sachs أن الذهب قد يتراجع إلى 2.000 دولار للأونصة بحلول نهاية العام.

عوامل قد تؤثر على أسعار الذهب

ستعتمد اتجاهات أسعار الذهب في المستقبل على العديد من العوامل، بما في ذلك:

مسار سياسة الفائدة في الولايات المتحدة: سيؤدي استمرار رفع أسعار الفائدة من قبل البنك الفيدرالي إلى زيادة تكلفة حمل الذهب، مما قد يضغط على الأسعار.

الأوضاع الاقتصادية العالمية: يمكن أن تؤدي فترات عدم اليقين الاقتصادي أو الركود إلى زيادة الطلب على الذهب كملاذ آمن، مما قد يدفع الأسعار إلى الارتفاع.

التوترات الجيوسياسية: يمكن أن تؤدي الصراعات أو الأحداث الجيوسياسية إلى زيادة الطلب على الذهب كملاذ آمن، مما قد يدفع الأسعار إلى الارتفاع.

طلب المجوهرات: يُعد الطلب على المجوهرات الذهبية أحد العوامل الرئيسية المؤثرة على أسعار الذهب.

شراء البنوك المركزية: يمكن أن يؤدي شراء البنوك المركزية للذهب إلى زيادة الطلب عليه ودعم الأسعار.

مكاسب الاستثمار في الذهب

برز الذهب، المعدن النفيس الذي لطالما اعتُبر ملاذًا آمنًا يحافظ على قيمته عبر التاريخ، كأحد أفضل الأصول أداءً خلال عام 2020، حيث حقق مكاسب استثنائية وصلت إلى 40٪ في خضم جائحة كورونا غير المسبوقة.

وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية، حافظ الذهب على مساره الصعودي، مسجلاً مكاسب تراكمية تقارب 40٪، بينما ارتفعت قيمته بنحو 60٪ خلال السنوات الخمس الماضية، ناهيك عن مكاسب هائلة بلغت 500٪ على مدار العشرين عامًا الماضية.

ورغم أن أداء الذهب خلال العام الماضي قد يبدو أقل تألقًا مقارنةً بمؤشر ستاندرد آند بورز 500، إلا أنه يتفوق بسهولة على العائدات المنخفضة إلى المتوسطة، التي تتراوح حول 1٪، المقدمة من استثمارات أخرى غير الأسهم مثل السندات الحكومية وحسابات الادخار ذات العائد المرتفع.

وتشير البيانات إلى أن عائدات الذهب تتجاوز حتى أفضل أسعار الفائدة على الودائع، خاصة على المدى القصير.

وبحسب بيانات بنك جي بي مورجان تشيس، يمتلك المستثمرون حاليًا ما يقرب من 3.3 تريليون دولار من الذهب، وهو ما يُمثل حوالي 1.4٪ من القيمة الإجمالية لجميع الاستثمارات العالمية.

وللاستفادة من إمكانيات الذهب الاستثمارية، لا يقتصر الأمر على امتلاك المعدن الأصفر بشكل مادي أو عقود الذهب الآجلة، بل يمكن للمستثمرين أيضاً اختيار صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة (ETFs) التي تحتفظ بالذهب، أو شراء أسهم شركات التعدين العاملة في استخراج الذهب.

وشهدت أسهم شركات تعدين الذهب هذا العام نموًا ملحوظًا، حيث ارتفعت أسهم Gold Fields بنسبة 50٪، و Kinross Gold بنسبة 27٪، و Franco-Nevada بنسبة 14٪، و Royal Gold بنسبة 19٪، و Barrick Gold بنسبة 10٪.

وتجاوزت جميعها مكاسب مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الذي سجل 8٪ فقط خلال نفس الفترة.

يُقدم الذهب، باعتباره أحد الأصول الثابتة، ملاذًا آمنًا للمستثمرين في أوقات عدم اليقين الاقتصادي والتقلبات السوقية، مما يفسر استمراره في جذب اهتمام المستثمرين على المدى الطويل.

ويُعتبر الذهب في مصر ليس فقط استثمارًا، بل جزءًا من التراث الثقافي، حيث يُستخدم بكثرة في المناسبات الاجتماعية كالزواج، وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، يظل الذهب ركيزة أساسية في الاقتصاد المصري.

يبقى الذهب شاهدًا على تقلبات الاقتصاد العالمي وملاذًا آمنًا في أوقات الأزمات، ومع استمرار الغموض الاقتصادي، من المتوقع أن يظل الذهب محط أنظار المستثمرين، سواء على الصعيد العالمي أو المحلي في مصر.

المعلومات المقدمة حول هذا الموضوع ليست بديلاً عن المشورة المهنية ، ويجب عليك استشارة أحد المتخصصين المؤهلين للحصول على مشورة محددة تتناسب مع وضعك. بينما نسعى جاهدين لضمان دقة المعلومات المقدمة وحداثتها ، فإننا لا نقدم أي ضمانات أو إقرارات من أي نوع ، صريحة أو ضمنية ، حول اكتمال أو دقة أو موثوقية أو ملاءمة أو توفر المعلومات أو المنتجات أو الخدمات أو ما يتعلق بها الرسومات الواردة لأي غرض من الأغراض. أي اعتماد تضعه على هذه المعلومات يكون على مسؤوليتك الخاصة. لا يمكن أن نتحمل المسؤولية عن أي عواقب قد تنجم عن استخدام هذه المعلومات. يُنصح دائمًا بالحصول على إرشادات من محترف مؤهل.