شوية حكايات 4 (من الشباك)

قررت ان اغير مكان مكتبي ليواجه الشرفة الخارجية معطية ظهري لباب المكتب معلنة انعزالي عن من يتواجدون خلف الباب فقد اصابني السأم من افكارهم ونفاقهم البين مع بعضهم البعض لذلك رأيت في رؤيتي للشرفة وما يدور في الشارع من مارة وسيارات وشرفات البيوت حكايات اكثر ألفة ممن اعيش معهم في نفس المكان ..وذات صباح ولنقل انه يوم الأحد من بداية الأسبوع رأيتها في إحدى الشرفات وخمنت انها تحتسي قهوتها بهدوء.. فهي في دور علوي مرتفع ولا استطيع حتي ان احدد معالمها ..ولكن لفت نظري هدوءها وجلوسها لمدة ساعتين اختفت بعدها عن ناظري عندما ذهبت احضر احدي اجتماعاتي اليومية الاعتيادية … ومر باقي اليوم وانا افكر فيها هل هي زوجة وأم  تنشد الهدوء تاركة منزل يعج بالفوضى هاربة من مسئوليات ألقيت علي عاتقها بمجرد كتابة عهود الزواج والقائها في غيابات الجب من بعد ذلك ؟؟.. أم هي إحدى الفتيات التي خرجت عن مألوف جيلها الصاخب وجلست تتناول قهوتها الصباحية لتستكمل يومها بعد ذلك .. حكايات كثيرة تراءت لي و خيال كان من فترة طويلة خامدا حتي جاءت هذه اللقطة فجعلتني اثبت وجودي الإنساني في الحياة وافكر فيها وفي أحوالها .. وإن كان قلبي يميل إلي إنها فتاة خالية من أي ارتباطات تكبلها والا ما كانت تجلس ساعتين متواصلتين هكذا .. مر اليوم سريعا علي غير عادتي وذهبت إلي بيتي وقد تغير بي شيئا .. حتي برودة الحيطان .. الفراغ الذي يستقبلني في منزلي شعر بتغيري وكأنهما يسألاني عن جديدي المختلف في هذا اليوم..ذهبت في يومي التالي انتظر بشوق ولهفة ظهور هذه الجنية التي هبطت من السماء لتحيي فيا حياة ظننت انها قد ولت وسقطت في بئر آليات هذا الزمن حتي ظهرت في نفس موعدها تماما العاشرة صباحا في نفس جلستها بفنجان قهوتها الذي أظن أنه رفيقها الصباحي الذي لا يبدأ يومها إلا به ..اليوم تجرأت وأطلت النظر ولكني لم اري تفاصيل … يجب عليا ان اغير عدسات نظارتي فمنذ زمن بعيد لم افكر في تغيرها .. من رفضي لرؤية من حولي بنفس الوجوه المتكررة ونفس افكارهم وحياتهم واحاديثهم فقد انزويت عنهم منذ فترة ولم يعد بي حاجه لرؤيتهم بصورة اوضح واكتفيت بعدسات تساعدني تجنب مشاكل الطريق و ترشدني لمنزلي بجدرانه المعتادة واشيائي التي لم أغير من أماكنها منذ فترة … ولنعد لمحبوبتي .. مهلا هل سميتها محبوبتي وأنا حتي لا أستطيع رؤيتها بصورة واضحة احفر معالمها في ذاكرتي ؟؟ مهلا ماذا حدث لي وأي حالة تلك التي احياها  .. لا يهم.. فقد مر بي زمن ليس بقصير لأشعر بهذه المشاعر .. ومرت أيامي التالية  هكذا حفظت مواعيدها من العاشرة للثانية عشر ظهرا تظهر فجأة وتختفي فجأة .. يصادف وقت ظهورها واختفائها اليومي ابتعادي عن شرفة مكتبي وقضاء بعض المهام اليومية في العمل .. ولكني اكتفي بظهورها واختفائها المفاجئ لربما شعرت بي اراقبها فاستحيت مني .. لا.. أو غضبت من تحديقي اليومي لها.. بل لربما ضايقتها وكدرت عليها اختلائها بفنجان قهوتها ورغبتها بالانفراد بنفسها وانها تنشد هدوء سوف يهرب بعيدا في باقي يومها .. اصبحت اذهب لمنزلي مساءا منتظرا  صباحا يلوح بالسعادة و تغيير بعد عني منذ فترة أو انا خشيت منه فلم اعد انشد منه خيرا ..ظبت نفسي افتش في ملابسي عن اشياء لم أعد أرتديها… عن عطري المفضل ..عن تشذيب ذقني وشعيرات نافرة في رأسي أعدت مكانها.. وكثيرا حدثت لي نفسي الامارة بالسوء هي لم  تراك ولم تبد أي اهتمام بك .. وكثيرا ما طردت وساوس لازمتني بالعودة لماكنت عليه من قبل رؤيتها…  ولكني احببت نبض الحياة في جسدي احببت الطريق إلي عملي.. احببت جدران بيتي التي شعرت بما تغير في فأصبحت أكثر دفئا ..كل ذلك حدث بين عشية وضحاها وقد مر بي الكثير سابقا ولم انشد التغيير واكتفيت بما عليه راض به وقد طغي عليا فلم اعد ابالي بحياتي أو جديد بها.. وها أنا ذا قد  قررت الذهاب للطبيب لتغيير عدسات نظارتي .. كي أستطيع  رؤيتها واجب عن اسئلة كثيرة راودتني..وبالفعل غيرت نظاراتي واليوم ارتديت ملابس جديدة اشتريتها وقد مربي زمن طويل لم اشتري شيئا وشذبت ذقني وشعري واغلقت باب منزلي لتنعم الجدران برائحة عطري التي خلفتها من ورائي.. ونزلت ركبت سيارتي ورأيت الطريق اليوم مختلفا هل حقا هو أيضا سعيد بعودتي إليه مبتسما وقد فارقت الابتسامة قلبي منذ زمن … فتحت مكتبي وجلست في انتظار العاشرة صباحا موعد قهوتها المعتاد …واليوم ليس لدي اجتماع خارج مكتبي فحتما سوف أسعد بلحظة دخولها.. انتظرت وانا اسمع دقات قلبي والتي لم أعهدها منذ فترة ..حتي حانت اللحظة … وقد فسرت معالم شرفتها بعدساتي الجديدة ..ورأيت …….سيدة تحمل فراشا أبيض اللون تضعه علي كرسي وتضع عليه وسادة ربما لتنال قسط من الشمس ورأيتها تنظف ارجاء الشرفة في مشهد تقليدي لم أره في أيامي السابقة …نظرت لسيدتي التي لم تكن سوي فراش بوسادة تجلس متربعة علي كرسي مواجه لشمس تنعش ما مرت به في ظلام غرفتها الليلى …. توقف عقلي عن التفكير لحظة … هل كل ما سبق كان حلما … هل كنت احتاج قشة لا تعلق بها وأنجو بإنسانيتي من جب سيدنا يوسف.. هل أحببت حبي لشيء نسجته بخيالي ليذهب بي في رحلة للشفاء والتعافي ..نحن البشر نتلهف للصحبة ونتلهف للسؤال عن أحوالنا وكلمة طيبة تجبر بها خواطرنا قادرة علي إسعادنا……… يا الله ..هل كانت تلك رسالتك لي للعودة لمصاف البشر ..جلست لحظة في مقابل شرفتها.. وقررت العودة للحياة مرة أخري .. فرسالتي كانت لأصحو من غفلة وضعت بها نفسي و استصعبت تغيرها.. عدلت وضع مكتبي لأري شرفتها واري القادم علي باب مكتبي لأرحب به وارحب بعودتي للحياة إنسانا ……

المعلومات المقدمة حول هذا الموضوع ليست بديلاً عن المشورة المهنية ، ويجب عليك استشارة أحد المتخصصين المؤهلين للحصول على مشورة محددة تتناسب مع وضعك. بينما نسعى جاهدين لضمان دقة المعلومات المقدمة وحداثتها ، فإننا لا نقدم أي ضمانات أو إقرارات من أي نوع ، صريحة أو ضمنية ، حول اكتمال أو دقة أو موثوقية أو ملاءمة أو توفر المعلومات أو المنتجات أو الخدمات أو ما يتعلق بها الرسومات الواردة لأي غرض من الأغراض. أي اعتماد تضعه على هذه المعلومات يكون على مسؤوليتك الخاصة. لا يمكن أن نتحمل المسؤولية عن أي عواقب قد تنجم عن استخدام هذه المعلومات. يُنصح دائمًا بالحصول على إرشادات من محترف مؤهل.