حمى البحر المتوسط…مرض لا يرجى شفاؤه أو يمكن السيطرة عليه؟

على الرغم من أن المهمة الرئيسية لجهاز المناعة هي حماية الجسم من الممرضات التي تأتيه من الخارج، إلا أنه في بعض الأحيان قد يحدث خلل في الجهاز المناعي مما يفقده القدرة على التمييز، فيبدأ بمهاجمة الجسم ذاته فيما يعرف بالأمراض ذاتية المناعة. هذا ما يحدث باختصار في المرض الذي نحن بصدد تفصيله في هذا المقال وهو حمى البحر المتوسط.

تنشأ حمى البحر المتوسط نتيجة حدوث طفرة جينية تتسبب في إصابة الجهاز المناعي بخلل يفقده القدرة على السيطرة على التهابات الجسم. وهو من الأمراض الوراثية التي تنتقل من الآباء إلى الأبناء ولذلك نراه ينتشر بين أفراد العائلة الواحدة، وغالبًا ما يصيب أعراقًا بعينها دون غيرها.

 

أعراض حمى البحر المتوسط

 تبدأ أعراض حمى البحر المتوسط في الظهور منذ مرحلة الطفولة على هيئة هجمات متكررة قد تستمر لبضعة أيام، ويتخللها فترات -قد تطول وقد تقصر- خالية تمامًا من الأعراض يمارس فيها المريض حياته اليومية بشكل طبيعي . وتتميز هذه الهجمات بحدوث ارتفاع في درجات الحرارة مصحوبًا بكل أو بعض هذه الأعراض:

  •        ألم شديد في البطن والصدر
  •        صعوبة في التنفس
  •       آلام المفاصل
  •        آلام العضلات
  •        ظهور طفح جلدي وخاصة في منطقة الساق

 

التشخيص

يعتمد التشخيص بشكل أساسي على الأعراض والفحص السريري ومراجعة التاريخ المرضي العائلي للوقوف على الحالات المشابهة عند الأقارب. كذلك هناك فحوصات الدم والبول والتي قد تحمل دلالات تساعد في تشخيص المرض مثل تزايد عدد كريات الدم البيضاء في الدم بسبب وجود الالتهاب ووجود البروتينات في البول، ولكن هذه الدلالات ليست حصرية للمرض لذلك لا يعتمد الطبيب عليها بشكل منفرد للتشخيص.

 

العلاج

على الرغم من أن هذا المرض ليس له علاج فعال، إلا أنه يمكن التقليل من حدة هذه الهجمات وتجنبها لفترات طويلة من خلال تجنب المثيرات التي تتسبب في تحفيز ظهور هذه الهجمات، مثل:

  •         التوتر والانفعال والتغييرات الحياتية المفاجئة
  •         الإجهاد البدني
  •         الحزن والاكتئاب
  •         العدوى الفيروسية

لذلك ينصح الأطباء مرضاهم بضرورة تبني أسلوب حياة خالي قدر الإمكان من التوتر والقلق وذلك من خلال تبني بعض العادات البسيطة، مثل:

  • ممارسة التمارين الرياضية متوسطة الشدة بانتظام للتخلص من التوتر وتحسين الحالة المزاجية
  • الاهتمام بممارسة العبادات والطقوس الدينية
  • ممارسة التأمل واليوجا والخروج إلى الأماكن الطبيعية
  • تعلم الأساليب المضادة للتوتر المختلفة مثل: تمارين التنفس والحضور والاسترخاء، والعلاج بالفن والكتابة والموسيقى واللعب
  • ممارسة الأنشطة الإبداعية والهوايات المختلفة التي منِ شأنها تفريغ الطاقة السلبية وتحقيق السلام النفسي 
  • التواصل مع الأصدقاء بصفة منتظمة والانخراط في الأنشطة الاجتماعية 

 

هناك كذلك بعض العلاجات الدوائية التي أثبتت فعاليتها -عند تناولها بانتظام- في الحد من عدد الهجمات وشدتها، مثل: عقار الكولشيسين. هذا بالإضافة إلى العلاجات التي تهدف لتخفيف شدة الأعراض، مثل: الأدوية الخافضة للحرارة ومضادات الالتهاب ومسكنات الألم. 

 

المضاعفات

  •   من أهم وأخطر مضاعفات حمى البحر المتوسط هي المتلازمة الكلوية والتي تتميز بظهور كميات كبيرة من البروتينات في البول، مما قد يؤدي إلى حدوث الفشل الكلوي.

  • التهاب شديد في المفاصل وخصوصًا مفصل الركبة والكاحل.
  •  العقم وذلك بسبب تأثير الالتهابات المتكررة على الأعضاء التناسلية لدى كل من الرجل والمرأة

 

هل يؤثر المرض في قدرة الشخص المصاب على الزواج؟

يتساءل الكثيرون عن علاقة حمى البحر المتوسط والزواج خصوصا المصابين الذين هم في سن الزواج. يمكن للشخص المصاب السيطرة على الأعراض وممارسة حياته بشكل طبيعي بالبعد عن العوامل المثيرة للنوبات وتناول الأدوية على النحو الذي سبق ذكره، ولكن قد تؤثر الإصابة بالمرض على القدرة على الإنجاب، هذا بالإضافة إلى إمكانية انتقال الجين المسبب للمرض من الآباء إلى الأبناء ولكن تظل كل هذه الأمور مجرد فرضيات غير مؤكدة ولا يمكن الجزم بحدوثها.

ومن الجدير بالذكر أنه عند حدوث حمل عند المرأة المصابة بالمرض يجب عليها متابعة حالتها عن كثب مع الطبيب الخاص بها، وذلك لأنها قد تتعرض لهجمات أكثر حدة أثناء فترة الحمل مما قد يؤثر في صحتها وصحة الجنين أو حتى حدوث إجهاض مبكر، فبالتالي قد يحتاج الطبيب المعالج إلى إجراء بعض التعديلات على نوع وجرعات الأدوية الموصوفة على النحو الذي يحفظ سلامة كل من الأم والجنين.

 

هل للعادات الغذائية تأثير في هذا المرض؟

أجريت دراسة أثبتت أن هناك علاقة قوية بين تناول أطعمة معينة وزيادة مستوى الالتهابات في الجسم، وبالتالي إثارة الجهاز المناعي، والذي يظهر على هيئة هجمات أكثر ترددًا وحدة. أمثلة على ذلك:

  • الأطعمة المحفوظة 
  • السكريات
  • الأطعمة السريعة والمصنعة

فعند إعطاء الأشخاص الخاضعين لهذه الدراسة نظام غذائي خالي من مثل هذه الأطعمة، غني بالخضراوات والفاكهة، بالإضافة إلى المكملات الغذائية التي تحتوي على فيتامين د و مادة الكوركومين وبذور الكتان؛ كان هناك تحسنا ملحوظًا في الأعراض وجودة الحياة. 

 

تلخيص المقال

حمى البحر المتوسط هو مرض وراثي ذاتي المناعة، يظهر على هيئة هجمات متكررة يمكن للمصاب التحكم في معدلها وشدتها من خلال التحكم في العوامل المثيرة لهذه الهجمات. فباتباع أسلوب حياة صحي وتناول الأدوية الموصوفة بانتظام يمكن للمرضى الاستمتاع بحياتهم وممارسة الأنشطة اليومية بشكل طبيعي.

المعلومات المقدمة حول هذا الموضوع ليست بديلاً عن المشورة المهنية ، ويجب عليك استشارة أحد المتخصصين المؤهلين للحصول على مشورة محددة تتناسب مع وضعك. بينما نسعى جاهدين لضمان دقة المعلومات المقدمة وحداثتها ، فإننا لا نقدم أي ضمانات أو إقرارات من أي نوع ، صريحة أو ضمنية ، حول اكتمال أو دقة أو موثوقية أو ملاءمة أو توفر المعلومات أو المنتجات أو الخدمات أو ما يتعلق بها الرسومات الواردة لأي غرض من الأغراض. أي اعتماد تضعه على هذه المعلومات يكون على مسؤوليتك الخاصة. لا يمكن أن نتحمل المسؤولية عن أي عواقب قد تنجم عن استخدام هذه المعلومات. يُنصح دائمًا بالحصول على إرشادات من محترف مؤهل.

Choose Your Prefered Language

اختر لغتك المفضلة