حين تفشل مؤشرات الأداء KPI : آن الأوان للتحوّل إلى OKR؟

في عالم الأعمال الحديث، كثيرًا ما يُنظر إلى مؤشرات الأداء الرئيسية (KPI) على أنها المعيار الذهبي لقياس النجاح. تُستخدم لتتبع الأرقام، تحديد الإنجازات، وتحفيز الفرق على الالتزام بالخطة. لكنها في الواقع، في عدد متزايد من المؤسسات، تحوّلت إلى عبء أكثر من كونها بوصلة. تحوّلت إلى أداة رقابة لا أداة إلهام. إلى معيار تقني لا يتماشى مع تسارع التغيير ولا مع تطلعات الفرق الحديثة.

وهنا، يبرز السؤال الذي يجب على كل قائد أن يطرحه بجرأة:

هل KPIs ما زالت تخدم أهدافنا الكبرى؟ أم أنها أصبحت تقيس ما يمكن قياسه فقط، لا ما يهم فعلاً؟

أولاً: لماذا تفشل KPIs في كثير من الأحيان؟

1. تركّز على النتائج فقط وتغفل السياق

مؤشرات الأداء تهدف إلى قياس النتائج الرقمية، مثل عدد العملاء الجدد أو الإيرادات الفصلية. لكنّها تتجاهل السياق الذي تحقق فيه هذا الأداء، والأثر طويل المدى الذي قد لا يظهر في الأرقام فورًا. بمعنى آخر، KPI تجيب على “ماذا حصل؟”، لكنها لا تسأل “لماذا؟” أو “كيف؟”. وهذا يجعلها أداة ناقصة عند التعامل مع النمو المعقّد والمستدام.

2. لا تواكب التغيّر السريع

KPIs عادةً ما تُصمم في بداية العام أو الربع، وتُجمّد على هذا الشكل. لكنها لا تتحرك بالمرونة التي يتطلبها السوق الحديث، حيث تتغير الظروف الاستراتيجية والفرص والتحديات بشكل أسرع من قدرة المؤسسات على تحديث مؤشراتها.

3. تخلق ثقافة الخوف بدل الإبداع

حين تتحوّل KPIs إلى أداة للمحاسبة فقط، يبدأ الموظفون في العمل لتجنّب العقاب بدلاً من السعي إلى الابتكار. يشعرون بأنهم يُقاسون دون أن يُفهموا. ومع الوقت، يتحول القياس إلى عبء نفسي وإداري.

4. تفتّت الجهود وتُفقد الرؤية الشاملة

في كثير من المؤسسات، كل قسم يُعطى KPIs خاصة به، دون ربط حقيقي بالرؤية الكبرى أو ببقية الفرق. هذا يؤدي إلى عزلة الأهداف، وتنافس غير صحي، بل وربما قرارات تؤذي المصلحة العامة فقط من أجل تحقيق رقمٍ فردي.

ما هو البديل؟ OKR: الأهداف والنتائج الرئيسية

هنا تبرز قيمة منهجية OKR — Objectives and Key Results، التي طُوّرت لأول مرة في شركة إنتل، واعتمدتها لاحقًا شركات كبرى مثل Google، LinkedIn، وSpotify. لكنها ليست فقط للشركات التقنية العالمية، بل تصلح لكل مؤسسة تبحث عن أداء يحمل المعنى، ونتائج ترتبط برؤية.

OKR ليست أداة قياس فقط، بل نظام تفكير استراتيجي. تهدف إلى تحقيق التوازن بين الطموح والواقعية، بين الوضوح والمرونة، وبين الرؤية والتطبيق.

كيف تعمل منهجية OKR؟

تُبنى OKR على عنصرين رئيسيين:

Objective (الهدف):

وهو وصف نوعي وواضح لما تريد المؤسسة أو الفريق تحقيقه. يجب أن يكون ملهمًا، قابلًا للتطبيق، ويرتبط مباشرة بالرؤية الكبرى.

مثال: “تقديم تجربة عملاء تُنافس الأفضل في السوق.”

Key Results (النتائج الرئيسية):

هي مؤشرات كمية تقيس التقدم نحو تحقيق الهدف. يجب أن تكون قابلة للقياس، واقعية ولكن طموحة، وتُراجع دوريًا.

مثال:

  • “رفع رضا العملاء إلى 90٪ بنهاية الربع.”

  • “تقليص وقت الرد على الطلبات إلى أقل من ساعتين.”

  • “تحقيق 50 تقييمًا إيجابيًا من فئة 5 نجوم.”

الفرق الجوهري بين KPI و OKR

العنصر

KPI

OKR

الهدف

قياس الأداء التشغيلي

توجيه النمو الاستراتيجي

المرونة

جامدة نسبياً

مرنة ومتغيرة بحسب الحاجة

الدافع

رقابة ومساءلة

طموح وإلهام

المنظور

قصير المدى

متوسط إلى طويل المدى

العلاقة بين الفرق

مفككة غالبًا

مترابطة وتعاونية

التقييم

فردي غالباً

جماعي واستراتيجي

لماذا OKR أكثر ملاءمة لواقعنا اليوم؟

  1. تعزز الشفافية والمساءلة الصحية:

    الجميع يعرف أهداف الجميع، مما يعزز التعاون ويمنع تضارب الأولويات.

  2. تربط الأداء بالمعنى:

    حين يعرف الموظف كيف يُساهم هدفه في خدمة الهدف العام، يصبح الجهد مرتبطًا بالهوية، لا فقط بالرقم.

  3. تُحدث بشكل دوري:

    تُراجع OKRs عادةً كل ربع سنة، وتُعدّل بحسب المتغيرات، مما يمنح المؤسسة قدرة على التكيّف دون فقدان البوصلة.

  4. تشجع الطموح دون تهديد:

    يُشجَّع الموظفون على وضع أهداف طموحة حتى لو لم تُحقق بالكامل، طالما أن التقدم كان كبيرًا ومؤثرًا. هذا يعزز ثقافة التجريب والتطور.

هل نلغي KPIs تمامًا؟

ليس بالضرورة. KPIs لا تزال مفيدة لتتبع العمليات اليومية والتشغيلية، مثل عدد المكالمات أو زمن الاستجابة أو كفاءة العمليات. لكن يجب أن تُستخدم كأدوات داخل إطار أكبر تقوده OKRs، وليس كأهداف نهائية بحد ذاتها.

مثال تطبيقي في السياق السعودي

لنفترض وجود شركة سعودية تعمل في قطاع الطاقة النظيفة. بدلًا من التركيز فقط على KPI مثل “زيادة الإيرادات بنسبة 10%”، يمكن استخدام OKR أكثر استراتيجية:

  • Objective: “قيادة التحول نحو الطاقة المستدامة في السوق المحلي.”

  • Key Results:

    • “إطلاق 3 مشاريع شمسية جديدة خلال 6 أشهر.”

    • “الوصول إلى 100,000 مستفيد عبر حملات توعية.”

    • “توقيع اتفاقيتين شراكة مع جهات حكومية أو تعليمية.”

 لا تقيس ما هو سهل فقط… قِس ما يهم

التحوّل إلى OKR لا يعني تغيير أدوات فقط، بل تغيير فلسفة العمل. يعني أن المؤسسة قررت أن تنمو بمعنى، أن تلاحق أهدافًا طموحة، وأن تُعطي فرقها وضوحًا وشغفًا.

في زمن لا يُكافئ من يعمل كثيرًا فقط، بل من يعمل بذكاء ووضوح، تصبح OKR أداة لا غنى عنها.

دعوة للتأمل:

هل تقيس مؤسستك ما يُنجز فعلًا؟ أم ما يُكتب في التقارير فقط؟

هل فريقك يعرف إلى أين يسير؟ أم فقط ما عليه أن يُنهيه قبل نهاية الأسبوع؟

ابدأ بنقاش بسيط داخل مؤسستك عن “النية” من وراء كل مؤشر.

فقد تكون أول خطوة نحو بيئة قيادية أكثر شجاعة، وأداء أكثر إنسانية وفعالية.

yes
no

لقد ساعد الذكاء الاصطناعي في كتابة هذا المقال

اختار المشارك أن يبقى مجهولًا.

المعلومات المقدمة حول هذا الموضوع ليست بديلاً عن المشورة المهنية ، ويجب عليك استشارة أحد المتخصصين المؤهلين للحصول على مشورة محددة تتناسب مع وضعك. بينما نسعى جاهدين لضمان دقة المعلومات المقدمة وحداثتها ، فإننا لا نقدم أي ضمانات أو إقرارات من أي نوع ، صريحة أو ضمنية ، حول اكتمال أو دقة أو موثوقية أو ملاءمة أو توفر المعلومات أو المنتجات أو الخدمات أو ما يتعلق بها الرسومات الواردة لأي غرض من الأغراض. أي اعتماد تضعه على هذه المعلومات يكون على مسؤوليتك الخاصة. لا يمكن أن نتحمل المسؤولية عن أي عواقب قد تنجم عن استخدام هذه المعلومات. يُنصح دائمًا بالحصول على إرشادات من محترف مؤهل.