يشير التحيز اللاواعي إلى وجود تحيزات عميقة الجذور، نتشربها جميعنا بدرجة أو أخرى، من دون أن نعي ذلك، بسبب وجودنا ضمن مجتمعات تفتقر إلى المساواة، ويسود فيها عدم التكافؤ على نحو كبير.
وكما تشير كريستين رو في مقالتها على موقع بي بي سي، يمكن أن يؤدي التحيز اللاواعي أو التحيز الضمني، كما يعرف أيضا، إلى افتراضات مسبقة من قبيل أن من يعمل في مجال التمريض يجب أن يكون امرأة، وأن من يعمل في مجال الهندسة يجب أن يكون رجلاً، أو أن المرأة الآسيوية لن تكون قائدة جيدة، أو أن الرجل الأسود سيكون منافسا عدوانيا. ويمكن أن يوجد التحيز اللاواعي حتى لدى الأشخاص الذين يعتقدون حقا أنهم ملتزمون بالمساواة، ويكون تحديد ذلك واستئصاله أصعب من التمييز الواضح.
لكن هذا لا يعني أن تأثيرات التحيز اللاواعي غير مهمة. إذ يمكن أن يؤثر التحيز الكامن تحت السطح على الصحة والحياة بطرق دراماتيكية. على سبيل المثال، يعتقد كثير من العاملين في المجال الطبي في الولايات المتحدة أن المرضى السود أقل عرضة للإحساس بالألم، وأقل امتثالا للنصائح الطبية من المرضى أصحاب البشرة البيضاء.
كما أن الأحكام السريعة التي يتخذها ضباط الشرطة مشحونة للغاية بالتحيزالضمني. وتشير بعض الأبحاث إلى أن الشرطة الأمريكية تعتبر بشكل غريزي أن أصحاب البشرة الداكنة أكثر إجراما.
كما توجد أمثلة كثيرة على التحيز اللاواعي في مرحلة اختبار الأشخاص للتوظيف. فقد ينجذب مديرو التوظيف إلى المرشحين الذين يشبهونهم، كما قد يفترضون أن المرشحين الذكور أكثر كفاءة، أو يقرأون اسما يشي بأن حامله “أسود اللون” في أحد الطلبات، ويربطون بشكل غريزي هذا الشخص بالعدوانية.
بعض الافراد يظنون أنهم على وعي وسيطرة كاملة كافية لكي لا يكونوا مسيرين من عوامل خارجية، وانه ان يكون الفرد مسير هو للأفراد الضعفاء. وفقاً لكتاب لهوارد روس عندما يرى العقل صورة او فكرة معينة فإنه من الصعب عدم رؤيته مرة اخرى او إلغاء تأثير رؤيته، فاللاوعي يخزن المعلومات في الذاكرة بحيث انه كلما رأيت الصورة تصل لك الفكرة وتتذكر الرابط بين الصورة والفكرة. إن امتلاك لاوعي غير متحيز في منتهى الصعوبة، لأن هكذا يعمل عقلناعادة، بحيث اننا لا نعرف عادة كيف يتم التأثير علينا من خلال العوامل الخارجية ووسائل الاعلام وغيرها.
هناك فقط طرق مختلفة لكيفية التأثير على الافراد وجعلهم مسيرين، وهناك افراد يتعرضون إلى اشياء تسمح لهم بتغيير هذا التحيز اللاواعي، حيث انه اذا وضعنا معلومات وافكار مختلفة في وعيينا فمن المحتمل ان يتغير ما كان مبرمجاً في اللاوعي. وهذا التحيز له امثلة كثيرة حولنا من الممكن ذكرها كالنظام التعليمي الممنهج الذي يسعى لتعليم معلومات معينة مقننة بمناهج ثابتة، والذي يجعلك تسير في طرق معينة. او النظام الرأسمالي الذي اوهم الافراد ان الطريق للسعادة يبدأ من جمع الاموال لكي يستطيع الافراد ان يمتلكون اشياء تجلب لهم سعادة مؤقتة ويجعل الافراد تصبح عبيداً داخل دائرة العمل لجلب الاموال والاستهلاك للحصول على السعادة والرضا.
ومثل وسائل التواصل الاجتماعي التي تجعل الفراد مائلين لآراء وتقبل الاآخرين لهم. أو الصدمات النفسية القديمة التي رسمت بعض الخطوط في لاوعيك التي تجعلك محباً لإرضاء من حولك حتى تحصل على بعض القبول والحب ووالطاقة الايجابية، او العكس التي قد تجعلك عنيفاً ظناً بأن هذا هو الطريق الذي يجعل الآخرين يكنون الاحترام لك. أو وسائل الاعلام التي تزرع قيم الاستهلاك والجماليات السطحية لإمتلاك الأشياء والأجهزة والملابس حتى تكون عضواً في جماعة او ان تجعل نفسك منتمياً الى مجموعة او صفوة من الافراد وأن جمال المرأة منوط مظهرها وأن مستوى الرجل منوط بالأشياء التي يمتلكها وكونه لا يظهر مشاعره بالعلن، وأن الطعام الجاهز يوفر الوقت والمجهود ويمتاز بأفضلية الطعم عن طعام المنزل.