كارلوس غصن، الرجل الذي أنقذ شركة نيسان من حافة الإفلاس، يُعد من أبرز رموز القيادة الإدارية في القرن الحادي والعشرين. تنقّل بين ثلاث قارات وقاد ثلاث شركات كبرى (رينو، نيسان، وميتسوبيشي)، ليصبح رمزًا للقيادة متعددة الثقافات والتحوّل المؤسسي الجذري. نستعرض هنا 20 درسًا مستفادًا من تجربته الفريدة في قيادة نيسان، وهي دروس يمكن لأي رائد أعمال أو قائد أن يستفيد منها.
1. لا تخف من المواجهة
حين تولى غصن قيادة نيسان عام 1999، لم يتردد في اتخاذ قرارات صعبة مثل إغلاق مصانع وتسريح موظفين، رغم المعارضة. القادة لا يتفادون المواجهة، بل يتعاملون معها مباشرة وبجرأة.
2. استمع قبل أن تتحرك
أول خطوة قام بها غصن كانت “الاستماع المكثف”. أمضى أول 3 أشهر يلتقي الموظفين من كل المستويات، ليستمع إلى آرائهم ومخاوفهم قبل أن يضع خطته التصحيحية.
3. اجعل الأرقام تتكلم
غصن معروف بتحليله الصارم للبيانات. لم يعتمد على الانطباعات أو المجاملات، بل على الحقائق الرقمية التي تُظهر نقاط القوة والضعف بدقة.
4. كسر التقاليد عندما تصبح عبئًا
واجه غصن الثقافة اليابانية التي كانت ترفض المساس بالعمالة مدى الحياة. لكنه رأى أن هذه الثقافة أصبحت عبئًا على الإنتاجية، فبدأ في كسرها تدريجيًا لتحقيق التوازن بين التقاليد والواقع الاقتصادي.
5. فرق متعددة الثقافات = نتائج أقوى
اعتمد على فرق عمل تضم يابانيين وفرنسيين وأمريكيين. غصن آمن أن التنوع يخلق منظورات جديدة وقرارات أكثر دقة وشمولية.
6. التحول يبدأ من الداخل
لم يكن التغيير فقط في الخطط أو المنتجات، بل بدأ بتغيير العقليات داخل نيسان، من عقلية “نحن ضحية السوق” إلى “نحن مسؤولون عن مصيرنا”.
7. اعتمد على الكفاءات لا المناصب
ألغى الكثير من الامتيازات غير المستحقة، وركز على الأداء والكفاءة كمعيار وحيد للترقية، لا الأقدمية أو العلاقات.
8. اجعل القادة يتحملون المسؤولية
فرض غصن نظام محاسبة دقيق على المديرين. كل مدير مسؤول عن أهداف واضحة ونتائج ملموسة. لا أحد فوق المساءلة.
9. حدد أهدافًا جريئة وواضحة
غصن وضع هدفًا جريئًا: إعادة نيسان للربحية في سنة واحدة، وهو ما حدث بالفعل. الأهداف الجريئة تلهم وتخلق الحافز للعمل.
10. لا تساوم على الجودة
رغم تقليص التكاليف، رفض غصن أن يكون ذلك على حساب الجودة. بل جعل الجودة محورًا رئيسيًا لعودة نيسان للأسواق العالمية.
11. اجعل الموظف شريكًا في النجاح
شارك الموظفين في قرارات التغيير، واستمع لمقترحاتهم. هذا عزز الولاء والثقة بدلاً من أن يشعروا أنهم مجرد أدوات تنفيذ.
12. الجرأة أهم من الشعبية
غصن لم يكن يبحث عن أن يكون محبوبًا، بل عن أن يكون فعالًا. القائد الحقيقي مستعد لعدم الشعبية إذا كانت قراراته تصب في مصلحة المؤسسة.
13. حافظ على سرعة التنفيذ
بعض القرارات كانت تُتخذ خلال أيام فقط. غصن يؤمن أن السرعة في التنفيذ تعني سرعة في النتائج، وأن التردد يقتل فرص النمو.
14. لا تتبع السوق… شكّلها
بدلاً من مطاردة ما يطلبه السوق، غصن قاد نيسان لخلق منتجات مبتكرة تغير قواعد اللعبة، مثل نيسان ليف الكهربائية.
15. رؤية واحدة لكل الفريق
حرص على أن تكون كل الإدارات تعمل وفق خطة استراتيجية واحدة، لا خطط منفصلة. التوحد في الرؤية يعزز الانسجام الداخلي.
16. التواصل المستمر هو الوقود
كان غصن يتحدث بانتظام مع موظفيه، عبر لقاءات ومذكرات داخلية ووسائل إعلام. القائد يجب أن يكون حاضرًا بصوته وأفكاره.
17. اكسر الحواجز بين الأقسام
من أكبر مشاكل نيسان قبل غصن كانت “الصوامع التنظيمية” حيث لا تتعاون الإدارات. قام بكسر هذه الجدران عبر فرق مشتركة ومشاريع عابرة للأقسام.
18. لا نجاح دون احترام الثقافة المحلية
رغم التغييرات الجذرية، احترم غصن الثقافة اليابانية في كثير من التفاصيل، مثل احترام التسلسل الوظيفي والخصوصية المؤسسية، مما منحه ثقة اليابانيين.
19. علّم الناس كيف ينجحون دونك
غصن كان يصنع قادة، لا مجرد تابعين. كانت خطته أن تظل نيسان قوية حتى بعد خروجه، وهذا ما نراه في بعض ممارسات الشركة حتى اليوم.
20. اكتب قصتك بنفسك
غصن كان يملك رؤية واضحة عن صورته كقائد، فعمل على بنائها وتحقيقها. القائد يجب أن يكون صاحب القصة، لا مجرد تابع لما يُكتب عنه.
خاتمة: إرث قيادة لا يُنسى
كارلوس غصن ليس مجرد مدير تنفيذي، بل نموذج حيّ على أن القيادة الحقيقية قادرة على قلب الموازين، وإنقاذ شركات من الموت إلى الحياة. دروسه تتجاوز صناعة السيارات لتصل إلى أي مجال يحتاج إلى التحول، القيادة، واتخاذ القرارات الصعبة بشجاعة وعقلانية.
إذا كنت قائدًا في بداياتك أو تخطط لتأسيس شركتك الخاصة، فاحتفظ بهذه الدروس العشرين في حقيبة أدواتك القيادية، فهي ليست مجرد كلمات، بل تجارب نُحتت على جدران أكبر الشركات في العالم.
