مفاجأة العيد
مسرحية قصيرة
الراوي: رجلٌ فَقِيرٌ جِدًّا، يعملُ لَيْلًا نَهَارًا رَغْبَةً مِنْهَ في إِعَالَةِ أَطْفَالِهَ، وَتَوْفِيرِ مَا يستطيعُ لسَدِّ رَمَق ِ جُوعِهِمْ، وَلَكِنْ مَا في الْيَدِ حيلة ‘فالرزقُ مَقْسُومٌ، وَالْمَالُ مَعْدُومٌ.
ذاتَ يَوْم ٍ – وَقَبْلَ حُلُولِ الْعِيدِ بِثَلاثَةِ أَيَّامٍ – مَرَّ رَجُلٌ عُرِفَ عَنْهُ الجَّاهُ وَالثَّرَاءِ، حَيْثُ أَنْعَمَ اللهُ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- عَلَيْهِ بِالرِّزْق ِالْوَفِيرِ بِسَبَبِ طِيبَتِهِ وَحُبِّهِ لِلْخَيْرِ وَالْعَطَاءِ وَمُسَاعَدَةِ الْمُحْتَاجِينَ، وَقَفَ هَذَا الرَّجُلُ الكَرِيمُ أَمَامَ بَيْتِ الرجلِ الفقير، مُصْغِيًا لِمَا يقولُه، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ عَادَتِهِ التَّصُّنتُ عَلَى بُيُوتِ النَّاسِ، لَكِنْ بُكَاءِ الأَطْفَالِ ، وَقَلْبِــهُ الرَّقِيقَ – كَشَفَافِيَّةِ الزُّجَاجِ – شَدَّهُ لِذَلِكَ – مِمَّا جَعَلَهُ يَسْتَرِقُ السَّمْعَ.
الأَبُ الفقيرُ يُخاطِبُ أَولادَهُ: عَمُّو الْعِيدِ سَافَرَ هَذَا الْعَام، وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَزُوِّدُنِي بِالْمَالِ؛ لأَشْتَرِيَ لَكُم الثِّيَابَ الجَّدِيدَةَ وَالْحَلْوَى، وَلَكِنَّهُ وَعَدَنِي بِأنَّهُ سَيُعُودُ في الْعِيدِ الْمُقْبِلِ بِمَشِيئَةِ الله تَعَــالَى، وَيُعْطِينِي النُّقُودَ لأَشْتَرِيَ لَكُمْ مَا تَحْتَاجُونَهُ.
الراوي: حَزِنَ الرَّجُلُ الْكَرِيمُ لِمَا قالَهُ هَذا الرجلُ الْفقير، وَتَوَجَّهَ فَوْرًا إِلى السُّوق، وَاشْتَرَى لِهَذِهِ الْعَائِلَةِ كُلَّ مَا تَحْتَاجُهُ مِنْ لَوَازِم ِالْعِيدِ كَالْحَلْوَى وَالثِّيَابِ الجَدِيدَةِ. وَعِنْدَمَا عَادَ إِلى بَيْتِهِ، قَصَّ عَلَى أَوْلادِهِ قِصَةَ هذا الرجل الفقير.
الأَب الكريم يخاطبُ أولادَه: اسْمَعُوا يا أبنائي الأعزاء، خُذُوا هذه المشترياتِ إلى بيت الرجلِ الفقير، وَأَخبروا الأطْفَالَ أَنَّ عَمُّو الْعِيدِ قَدْ أَرْسَلَهَا لَهُمْ بَعْدَ أَنْ أَلْغَى سَفَرَهُ فَجْأَةً.
الأولادُ معًا: حاضر يا أبي.
الراوي: يَذْهبُ الأولادُ إِلى بيتِ الرجلِ الفقيرِ؛ ليسلِّمُوهُ الهدايا بعد أَنْ يُخبروا الأطفالَ أَنَّ عموا العيدِ قد أَلغى سفرَه، فيفرحُ الأطفالُ مذهولين.
عادَ أبناءُ الرجلِ الكريمِ إِلَى بَيْتِهِمْ مَذْهُولِينَ بِفَرْحَةِ الأَطْفالِ وَسُرُورِهِم ِالْكَبِيرِ بِعَمُّو الْعِيدِ.
الأبُ الكريمُ يُخاطبُ أَولادَه: أَراكمْ مسرورين يا أولادي، هْلْ سَلَّمتمْ الهدايا لأصحابِها.
الأولادُ مَعًا: نعم يا أبي، وقد فَرِحَ بها الأطفالُ كثيرًا.
الأَبُ الكريم: الحمدُ لله، أَرأيتمْ يا أولادي كَيْفَ أدْخلْنَا السرورَ إِلى قلبِ هذه العائلةِ الفقيرة، وَأَدَّيْنا زكاةَ عيدِ الفطر كما أَمَرْنا الله سبحانَه وتعالى.
أَحدُ الأبناءِ قائلًا: الْعِيدُ لَيْسَ في الثِّيَابِ الجَّدِيدَةِ، وَلا الْحَلْوَى، وَالألْعَابِ فَقَطْ، وَإِنَّمَا في إِسْعَادِ الآخَرِينَ أَيْضًا.
الأبُ الكريم: أحسنتمْ يا أبنائي، وَجَعَلَ اللهُ صنيعَكم هذا في ميزانِ حسناتِكُم.
المشهد الختامي
الأبُ الطيبُ (مبتسمًا): يا أبنائي، المال لا يدوم، والملابس تذبل، والحلوى سرعان ما تختفي، لكن البسمة التي زرعناها في قلوب هؤلاء الأطفال ستظل ذكرى حية لا تمحى.
الابن الثاني (بحماس): إذًا يا أبي، يمكننا أن نصبح “عمّو العيد” كل سنة، نبحث عن من يحتاج لفرحة، ونمنحه إياها.
الأبُ الطيبُ (رافعًا يديه إلى السماء): صحيح يا بني، العيد الحقيقي هو أن نزرع السعادة في قلوب الناس، ونجعلهم يشعرون أنهم ليسوا وحدهم في هذه الدنيا.
الراوي: اجتمع الأب وأبناؤه في دائرة صغيرة، وبدأوا يتحدثون معًا عن العيد وكيف أن العطاء يفتح أبواب السماء ويجعل القلوب تهدأ وتتلون بالصفاء.
دخل الأب الفقير مع أولاده، وعلى وجوههم ارتسمت ابتسامة خفيفة، قال لهم: “جزاكم الله خيرًا، كنتم لنا سندًا، وأدخلتم الفرح إلى قلوبنا. أنتم حقًا أهل الكرم والإحسان.”
رد الأب الكريم وهو ينظر إليه بلطف: “لا تشكرنا يا أخي، الشكر لله أولًا، ونحن جميعًا إخوة. ما قدمناه لك اليوم هو حق علينا، ولا فضل لنا.”
وتحدث الأطفال الفقراء معًا وهم يشعرون بالامتنان: “سنظل نذكر أن عمّو العيد كان معنا، وأنه لم يتركنا وحدنا في هذا اليوم.”
ستار

