مفهوم تقدير الذات Self-esteem
تم وصف هذا المفهوم بواسطة وليام جيمز (1890) كالاحساس الذي يشعر به الفرد من تقدير الذات والذي يحدث عندما يتقابل او يتخطى الافراد اهدافهم وإنجازاتهم الصغيرة او الكبية والتي تعتبر ذات اهمية في حياتهم. كما تم اعتبار هذا المفهوم كمقياس احترام وحب وتقدير وإيمان الشخص بذاته والتي يحدث عندما يصل الشخص الى درجة من الرضا والاشباع لرغباته، إنه درجة معرفة الشخص لكم المحبة والتقبل لذاته. التقدير العالي للنفس ينطبق مع منظور افضل واكثر إشراقاً وحيوية لها، والتقدير القليل ينطبق مع عدم ثقة او منظور اقل في القيمة. وتعتبر تقدير الذات متصلة بصورة الضخص لذاته، بمعنى عند تتحول الإنجازات والوصول للاهداف او معرفة شيء جيد عن الذات، فهذا مرتبط بإدراك الشخص بالانجاز او القيمة المضافة اليه اكثر من واقع هذا الإنجاز، أي أن شعورك بأنك انهيت النقاط المهمة في منهج مادة تاريخية كبيرة المحتوى، يمكن مقاربته بنفس الإحساس بالإنجاز لطالب انهى دراسة المنهج كله، الاثنين لديهم نفس الإحساس وعلى نفس الثقة والاستعدادية للإمتحان. وهنا يمكننا ان نستنتج ان قيمة الشخص وتقديره لذاته مقترنين بعاملين داخلي إدراكي وخارجي واقعي، وأن بإمكان الانسان أن يضيف لذاته قيمة من خلال إعادة النظر في بعض الافكار والاحكام على نفسه والعالم المحيط.
ومن خلال تلخيص أهم النقاط في ورقة بحثية كتبت بواسطة فيرجيل زيجلر والتي نشرت في مجلة علم النفس الاجتماعي الرقمية إن الافراد الذين تختلف نسب تقدير الذات عندهم يميلون إلى امتلاك طرق واستراتيجيات مختلفة للتحكم وتنظيم إحساسهم بقيمتهم الذاتية، حيث أن الافراد الذين يمتلكون حساً قدراً كبيراً من تقدير الذات يسعون إلى تكريس جهودهم للحصول على اكبر قدر من القيمة لأنفسهم، فيتمتعون بقدر من الحافز والتشجيع الذاتي لتطوير حسهم بقيمة ذاتهم، بينما على الصعيد الآخر الافراد الذين يمتلكون قدراً ضئيلاً من تقدير الذات يسعون ويركزون على الحفاظ على الكمية التي عندهم وعدم الاستمرار في الخسارة من موارد طاقتهم الذاتية، فيتبعون طرق محافظة وحذرة ليس بها الكثير من المخاطرة، ويميلون إلى إخفاء بعض الصفات والجزئيات السلبية بهم من انفسهم ومن العالم الخارجي، فالعالم الخارجي يلعب عاملاً كبيراً في كيفية انعكاس صورتهم الذاتية.
وتعتبر محاولات الاشخاص ذو تقدير الذات القليلة لتطوير وتحفيز انفسهم ذات اهمية اكبر من المحاولات المبذولة من الاشخاص ذو تقدير الذات العالية. فمحاولاتهم للتعزيز والتي يمكن ان تتسبب في فشل او خسارة او رفض، تعتبر في غاية الاهمية ولذالك يتخذون اشد الحرص اثناء صرف طاقة على هذه المحاولات، لأن ذوو تقدير الذات القليلة لديهم موارد ضئيلة تدعم صورتهم وقيمتهم لأنفسهم، لهذا بيأخذون حذرهم من اي انفاق ذو تجارب سلبية به مخاطرة كالفشل والرفض والتنمر في نفاذ ما تبقى لديهم.
وللعمر عامل مهم في تحديد كمية تقدير الذات للفرد فتختلف الكمية اثناء فترة حياة الفرد. فحسب بعض الدراسات العلمية التي درست هذا المجال، تم الوصول الى أن مقدار تقدير الذات يكون في اعلى نسبه اثناء الطفولة المبكرة وصولاً الى مرحلة الصبينة والمراهقة واوائل مراحل النضج، حتى يصل الفرد الى عمر الستين وتبدأ بالتضائل مثلما تفعل الكتلة العضلية كذالك ولكن في وقت مبكر كثيراً عن وقت اضمحلال تقدير الذات.
كما ان هناك بعد ثقافي مؤثر في كم تقدير الذات في المجتمعات والتي اثارت اهتمام العلماء. على سبيل المثال اقيمت بعض الابحاث للمقارنة بين مستويات تقدير الذات بين المجتمعات المختلفة، وتوصل بعضها أن المجتمعات التي تمتاز بطابع جماعي ومشترك تمليل إلى ان تملك قدراً من تقدير الذات اقل من الذي تمتلكه المجتمعات التي تمتاز بالطابع الفردي. كما توصلت بعض الدراسات الاخرى التي اجريت على الجماعات الاقلية والجماعات الاكثرية داخل مجتمع واحد وتبين ان الاقليات غالباً ما يتم ممارسة العنصرية ضدهم وصمهم بأنهم مختلفين ولا ينتمون الى هذا المجتمع الكبير، بعض الامثلة: جماعات الأفراد الذين يعانون من السمنة، ذوو البشرة الداكنة، ذوو الاديان والطوائف المختلفة، ذوو الاحزاب السياسية المتضادة، مشجعي فرق كرة القدم المتنافسين، والكثير من الاقليات الاخرى التي قد تعاني بدون ان تظهر ذالك.
وهناك سببين جديرين بالملاحظة تمت دراستهم في البحوث الامبريقية الواقعية عن لماذا يرغب الافراد في الحصول على طاقة نفسية هما: نقل المعلومات بين الافراد والبيئة الاجتماعية، وتقديم وظيفة للحماية ضد الاحداث والخبرات السلبية. نقل المعلومات بين الافراد والبيئة الاجتماعية يعتبر سبب واقعي ومهم في ملاحقة الافراد للحصول على طاقة نفسية حيث ان نقل المعلومات وفق مقياس السوسيوميتر –طبقاً لبعض المقاييس البحثية في دراسات اجتماعية- له خواص او وظائف لتتبع الحالة الشخصية، بمعنى أن قيمة الفرد هنا يتم اكتساب اغلبها من انعكاس صورته في اعين الآخرين في بيئته الاجتماعية. وتذهب بعض الدراسات الى ان قيمة الشخص تتغير وتعتمد بشكل كبير على مدى تقبل او رفض الآخرين له.
ولربما كان هذا المقياس الاجتماعي مفيد ومؤثر في توضيح بعض الحقائق عن تقدير الذات والبيئة الاجتماعية، لكن ينقصه تفسير الجانب الآخر من العملية وهو أنه كما يؤثر الآخرون في تحديد وتغيير تقدير الذات للشخص وقيمته لنفسه، فكذالك تحدد تقدير الذات كيفية انعكاس صورته في اعينهم، حيث ان طريقة تعامل الشخص مع الآخرين تعتمد على كم تقدير الذات داخله وقيمته الذاتية، على سبيل المثال من المجح اكثر ان يتلقى الشخص تعليقات ايجابية اذا كان سلوكه المتأثر بطاقته النفسية ايجابياً، فإذا تحدثت مع شخص حول اهدافك الشخصية، وذكرت ان امكانياتك وقدراتك الحالية ليس بها امل بإنجاز شيء قريب المدى، وبأسلوب محزن ومثير للضجر والإحباط، فمن الطبيعي أن تنعكس صورته في اعين الشخص الذي امامه بطريقة سلبية بائسة. والعكس صحيح. هنا نستنتج ان الافراد ذوو تقدير الذات العالية والصورة الذاتية القيمة، تنعكس صورتهم في اعين الآخرين بطريقة ايجابية مما يؤدي الى ردة فعل او تعليق ايجابي من الآخرين، ونحن هنا نتحدث عن علاقة طبيعية متوازنة، فكما تعطي تأخذ، وكما تأخذ تعطي، وأي خلل في هذا التوازن سيؤدي الى ضرر لأحد الطرفين حتى لو كان طفيفاً.
تقدير الذات ونظرية إدارة الخوف Terror Management Theory
تذهب نظرية إدارة الخوف إلى أن تقدير الذات لها طابع واقي من الاحداث والخبرات السلبية، حيث ان لها الكثير من الافكار والفرضيات لكن تم تعزيزها في البدأ لتفسير رغبة الفرد في امتلاك طاقة نفسية اكبر. وهي تنطلق من فكرة أن للانسان رهبة وهلع كبير من حقيقة انه في يوم ما، ما بين 70-100 عام بالاكثر، سوف يموت وينتهي كل شيء فعله وستموت معه إنجازاته وامواله وما إلى ذلك. ومن هنا بدأ الانسان ان يفكر في طريقة ليتخلص من هذه الافكار السوداوية أو على الأقل التأقلم معها، وهي من خلال تعزيز فكرة أن تأثيره لا ينتهي بمجرد مماته، بل أنه قيمة مجتمعية ورأس مال اجتماعي يعمل داخل نظام اجتماعي لن ينتهي ابداً. وهذا ما تظنه نظرية إدارة الخوف عن اهمية تقدير الذات في حياة الانسان. حيث انها تساعده في التأقلم مع بعض الحقائق السوداوية والمؤلمة في الحياة اليومية، تساعده في تجاوز فكرة ان هناك افراد تموت كل يوم وافراد يتضورون جوعاً وافراد في امس الحاجة الى خدمات امنية وصحية وغذائية.
علم الامراض النفسية Psychopathology
وهو الدراسة العلمية للامراض النفسية ويتضممن الاعراض وعلامات المرض النفسي واسبابه وسلوكه ومنهجه وطريقة عمله وتطوره وعلاجه والكثير من الاشياء الاخرى. وهناك رابط قوي بين علم الامراض النفسية وتقدير الذات، ومن النتائج الهامة لبعض افتراضات دراسات تمت في ضوء هذا العلم، أن تقدير الذات القليلة يمكن اعتبارها اما كمعياراً للتشخيص او اعراض اساسية لكثير من الامراض النفسية المتنوعة منها الاكتئاب بالطبع، والقلق والرهاب الجتماعي وفقدان الشهية والشراهة المرضية والشيزوفرينيا واضطراب الوسواس القهري ، واضطراب الشخصية الحدية، وإدمان الكحول والتدخين والمواد الاخرى الضارة مما يؤدي إلى سلوكيات شاذة وإجرامية.
مقاييس لتقدير الذاتSelf-esteem Measurements
يتم تقييم تقدير الذات في العادة من خلال ادوات التقرير الذاتي والتي تسأل الفرد بشكل مباشر عن كيفية شعوره تجاه نفسه وما مقدار القيمة المعطاه من نفسه لنفسه ومن الخارج لنفسه، اي من الآخرين والبيئة المحيطة والاحداث اليومية حوله. وتقوم هذه الاستراتيجية على اساس عنصرين هامين هما: 1- أن الشخص يعرف فعلاً كيف يشعر، ومن الممكن ان يكون هذا معضلة وعقبة امام رحلة علاج الشخص، 2- أن الشخص صادق بشكل كاف ليجد حقيقة ما يشعر به ويخرجه امام شخص آخر او على ورقة، ويتضمن هذا بحث وتمحيص كثير للوصول لأكثر الحقائق والمعلومات المنطقية اللازمة لحل المعضلات النفسية. ومن امثلة هذا أن بعض النرجسيين قد يخدعون او يصطنعون طاقتهم النفسية، ولكن تحت ظروف معينة قد يتمكنون من قول الحقيقة عندما يعلمون انه قد يتم اكتشاف اكاذيبهم.